الطيب: لا ضرر ولا ضرار تستهدف استقرار المجتمع
محمد علي موقع السلطةقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن لفظ «لا ضرر ولا ضرار»، هو حديثٌ نبويٌّ من صِحاحِ الأحاديث، وهو قاعدة من القواعد الكلية التي تَشهَدُ بسماحة الشريعة الإسلامية ويُسرها ومرونتها، موضحًا أن معنى: «لا ضرر» أي: يَحرُمُ إلحاقُ الضررِ بالغير في نفسِه أو عِرضه أو ماله، لما ينطوي عليه الضرر من «الظُّلم المحرَّم» في الإسلام تحريمًا قاطعًا، حتى لو جاء الضررُ نتيجةَ فعلٍ مباحٍ قام به شخصٌ آخَر، مثل أن يقومَ شخصٌ بعملٍ مُعيَّن في داره أو في مِلكه فيترتَّبُ عليه لحوقُ ضررٍ بجاره.
وأضاف خلال الحلقة الثامنة من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» الذي يذاع للعام الخامس، أمَّا قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ولا ضرار»، فمعناه: عدمُ جواز ردِّ الضرر بضررٍ مُماثل، لما يترتَّبُ على هذا الأسلوبِ من نشوءِ فوضى عارمةٍ في قضاءِ الحقوق واستيفائها، تهدمُ «الاجتماعَ الإنساني»، وتأتي عليه من الجذور، موضحًا أن حُكمُ الشريعة في هذه الأحوالِ لمَن حَصَلَ له تَلَفٌ في ماله من شخصٍ ما، فلا يجوزُ له بحالٍ أن يردَّ بإتلافِ مال هذا الشخص البادئ بالضرر، وإنما عليه أن يلجأ للقضاء لتعويضِه عمَّا لحقه من ضرر.
التشريعِ الإسلاميِّ
وأوضح الإمام الأكبر، أن قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» تتغلغلَ في نسيجِ «التشريعِ الإسلاميِّ»، موضحا أنَّها لا تقتصِر على حدودِ التكاليفِ الشرعيةِ الفرديةِ فحسب، بل تمتدُّ لتشمل أهمَّ مقاصد الشريعة في حياةِ الناس، وهو استقرارِ المجتمعِ، وحفظِه من التعرُّضِ للهِزَّاتِ، والتضحيةِ ببعضِ التكاليفِ الشرعيَّةِ من أجلِ الحفاظِ على الوَحدةِ والنظامِ والتماسكِ الاجتماعيِّ، مؤكدًا أن ذلك يتضحُ في أصلٍ من أخطرِ أصولِ الإسلامِ، وهو: «وجوبُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ»، وهو الأصلُ الذي عليه مدارُ خيريَّةِ هذه الأُمَّةِ وعدالتُها وشهادتُها على الأُمَم في قوله تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» «آل عمران:110».
تصرُّفاتِ النبيِّ
موضوعات ذات صلة
- عبدالناصر زيدان: ”80 مليون أهلاوي في مصر مش طايقين أحمد الطيب”
- الطيب: على المشككين في التراث قراءة التاريخ
- الطيب: خيرية أمة المسلمين مشروطة
- الرئيس التونسي والإمام الأكبر: تشكيل لجنة علمية لخدمة الثقافة الإسلامية
- المفتي: الشريعة الإسلامية تضع الأيتام في مكانة خاصة
- عاجل .. استبعاد أحمد الطيب من التعليق على مباراة الأهلي
- الإمام الأكبر: التحقيق الدولي في جرائم الاحتلال بارقة أمل
- أحمد الطيب: لن أجامل الدحيل على حساب ناد يمثل بلدي
- أحمد الطيب: النقاب ليس فرضا ولا سنة وخلع الحجاب أقل إثما من الكذب
- رمضان عبد المعز: اتباع الإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا عبادة لله
- في ذكرى ميلاده.. من هو الإمام الأكبر أحمد الطيب؟
- الإمام أحمد الطيب: أدعو الله أن يجنب عالمنا الحروب والصراعات
وأشار «الطيب»، إلى أن الفقهاءُ استَنْبَطَوا هذه الرخصة من تصرُّفاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وسيرتِه طُوالَ سِنِين بعثتِه الشريفة، فقد عاشَ في مكَّةَ ثلاثة عشر عامًا، عانى فيهـا -هو وأصحابُه- ما لا يُطاق ولا يُحتمل من منكراتِ الوثنيِّين والمشركين، سواء في الاعتقادِ أو في القولِ أو العملِ، وقد صبَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على هذه المنكراتِ، وصبَرَ على قريشٍ، ولم يحملِ السلاحَ على أهلِها، ولم يُواجِههم بأيَّةِ خُطَّةٍ من خُطَطِ الإيذاءِ أو التضييقِ أو المناوشاتِ الحربيةِ، وظَلَّ صابرًا، بل مأمورًا بالصبر من الله تعالى، حتى هاجَرَ إلى المدينةِ المنوَّرة، وأُذِنَ له في القتال، موضحًا أنه لم يؤمر بحَملِ السِّلاحِ إلا بعد أنِ استفرَغَ كلَّ طاقاتِه وطاقاتِ أصحابِه في الحوارِ بالحُجَّةِ والبُرهانِ والترغيبِ.
يذكر أن برنامج «الإمام الطيب» يذاع للعام الخامس عبر قنوات مصرية وعربية، وقد أطلق البرنامج في رمضان 2016م، ويتناول البرنامج في نسخته الخامسة خصائص الدين الإسلامي، ومظاهر وسطيته، وقواعد التكليفات الشرعية، ويسر الشريعة، ومصادر التشريع، والرد على الشبهات حول السنة النبوية والتراث.