ممالك النار.. السلطان المملوكي الذي أغضب الأتراك: خذلان ونهاية حزينة
تقرير عزة عبد الحميدفي عودة مفاجئة من القائمين على الدراما المصرية للانتقال إلى المسلسلات التاريخية التي قد انقطعت صلة الأعمال الدرامية بها منذ عشرات السنوات، ليعود هذا الإنتاج بقوة عن طريق شركة "جينوميديا"، بـ مسلسل ممالك النار ، التي تحكي قصة آخر سلطان في عهد المماليك بمصر الأشرف طومان باي ، والذي هزمه السلطان سليم الأول العثماني عام 1517 في معركة الريدانية ودخل مصر.
يقوم ببطولة مسلسل ممالك النار خالد النبوي ، ويشارك في بطولته محمد جمعة ومحمود جمعة وعبد الرحيم حسن ولبنى ونس وبهاء ثروت والطفل معتز هشام ومن إخراج الإنجليزي بيتر ويبر، وتأليف المصري محمد سليمان عبد المالك، ومن القرر بدأ عرضه في 17 من الشهر الجاري، في خبطة جديدة لمجموعة قنوات الـmbc، بعد أن استمرت تلك القنوات في عرض المسلسلات التركي المدبلجة لعدد من السنوات، لتعرض مسلسل يعرض بداية التاريخ العثماني في مصر وما قام به من فساد في الأرض لكي يحصل على حكم مصر، مما أثار غضب الاتراك عبر مواقعهم الرسمية لعرض مسلسل يحمل جزء من تاريخ الدولة العثمانية.
ويرصد موقع السُلطة ، من خلال هذا التقرير بعض الحقائق التاريخية عن الأشرف طومان باي.
البداية
بدأ حياته السياسية مملوكًا ثم أميرًا ثم رئيسًا للوزراء، رفض طومان باي تولى حكم البلاد في البداية ولكنه وافق بعد ضغط ممن حوله عبد مقتل السلطان قنصوة الغوري في معركة مرج دابق عام 1516 أمام العثمانين في حلب السورية.
تولى "باي" حكم البلاد مدة 3 أشهر ونصف فقط، وقعت مر خلالها تحت ولاية الحكم العثماني؛ بعد هزيمته أمام جيوش سليم الأول بمعركة الريدانية عام 1517، بعد تعرضه للخيانه من بين أمراء جيوشه والذين كان أشهرهم "جان بردي" و"خير بك".
وقد وصفه الدكتور عبد المنعم عبد ماجد في كتابه "طومان باي آخر سلاطين المماليك في مصر": أن كل من ينظر إليه يحس فيه بالسكينة والوقار، ولا يشك فى صلاحه، وأنه صاحب عقل وتدبير، وفروسية وشجاعة، خاصة أنه صاحب مبدأ، فضلا عن أنه كان محبوب الصورة عند الكل، وذلك بناء على التقدير لسيرته على مدى القرون.
أما ابن إياس فقد قال عنه: أنه شابًا حسن الشكل سنه نحو 44 سنة، شجاعًا، بطلًا تصدى لقتال ابن عثمان وثبت وقت الحرب وحده بنفسه، وفتك في عسكر ابن عثمان وقتل منهم ما لايحصى، وكسرهم ثلاث مرات في نفر قليل من عسكره، ووقع منه في الحرب أمور لا تقع من الأبطال.
هزيمة طومان باي
ذكر حمدي عثمان في كتابه "هؤلاء حكموا مصر"، أن السلطان طومان باي قرر أن يسرع بالزحف لمقاتلة العثمانيين بجنوب الشام، قبل أن يصلوا إلى الأطراف المصرية، فأرسل حملة على رأسها الأمير "جان بردي الغزالي" المملوكي سنة 1516م، للوقوف في وجه العثمانيين شمال غزة. لكن خيانة "الغزالي" أدت إلى هزيمة المماليك، فوصل العثمانيين إلى غزة في طريقها إلى مصر، فأعد طومان باي جيشا بسرعة وخرج إلى "الريدانية"، وهي المنطقة الممتدة حاليا بين العباسية ومصر الجديدة، وعزم على السير منها إلى الصالحية، بمحافظة الشرقية حاليا، ليلتقي بالعثمانيين بعيدا عن القاهرة، غير أن أمراء جيشه أشاروا عليه بالوقوف عند الريدانية، والتربص هناك للعثمانيين، وغلبوه على أمره.
وفي يناير 1517م، جاء الخبر إلى الريدانية بأن العثمانيين وصلوا العريش، واستولوا عليها، وهي أول البلاد المصرية، ثم تقدموا حتى وصلوا الصالحية، فقرر طومان باي السير إلى الصالحية، أملا فى مفاجأة العثمانيين قبل أن يذهب عنهم تعب الزحف عبر الصحراء، لكن أمراء المماليك تغلبوا على السلطان مرة ثانية، وآثروا البقاء في الريدانية. بعدها، في 22 يناير 1517م، نشبت المعركة الشهيرة "الريدانية"، بين السلطان طومان باي والسلطان سليم الأول، ورغم فرار بعض القوات المملوكية، فإن الأول أبدى من البسالة والشجاعة والمهارة ما جعل العدو يشيد به قبل الصديق، حتى أن السلطان العثماني كاد أن يقتل في المعركة.
الحكم العثماني لمصر في حياة طومان باي
قال ابن إياس الذي شهد تلك الفترة، في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور »، أن جنود سليم الأول أمعنوا في قتل المصريين في الشوارع، وتعمدوا إحراق مسجد شيخون والمنازل المحيطة به باعتباره رمزًا لمقاومة طومان باي، حيث كان يجتمع فيه مع جنوده وقواده، وانتشرت الجثث في شوارع القاهرة من مصريين وجنود وأمراء كانوا موالين لطومان باي.
أما المستشرق الأسكتلندي السير ويليامز موير، قال في كتابه "تاريخ المماليك في مصر"،عن تلك الحقبة: "استمر النهب والهياج، ووضع الأتراك (العثمانيون) أيديهم على كل ما وصلوا إليه، وهددوا الناس بالموت إذا لم يدفعوا لهم فداء كبيرا. وقد اضطهد الجراكسة في كل ناحية، وذُبحوا بدون رحمة، وعلقت رؤوسهم حول ميدان القتال".
طومان باي ونهايته على أيدي العثمانيين
حاول "باي" الدخول في الحكم العثماني لتخليص مصر مما يتعرض له المصرين من ظبم على أيدي الأتراك ولمن أمراءه قاموا بقتل الوفد التركي المبعوث له من سليم الأول وكان مقابل ذلك أن قام السلطان العثماني بقتل الأمراء المماليك المسجونين في القلعة، وكان عددهم يصل إلى 57 أميرًا.
بعدها هرب "باي" إلى بعض مشايخ البدو الذين قاموا بخيانته وسلموه إلى سليم الأول الذي لم يكن يرغب في قتله، لكن بسبب إصرار الأميرين الخائنين لطومان باي "جان بردي" و"خير بك"، قرر السلطان العثماني إعدامه، ويقول ابن إياس عن واقعة شنق طومان باي ،"عند باب زويلة"، كان في حراسة 400 جندي من الانكشارية، وكان مكبلًا فوق فرسه، وكان الناس في القاهرة قد خرجوا ليلقوا نظرة الوداع على سلطان مصر، وتطلع طومان باي إلى قبو البوابة فرأى حبلا يتدلى، فأدرك أن نهايته قد حانت."
ويردف ابن إياس في كتابه قائلا، "فلما تحقق من أنه سيشنق وقف على أقدامه على باب زويلة، وقال للناس الذين حوله، اقرأوا لي سورة الفاتحة ثلاث مرات. فبسط يده وقرأ سورة الفاتحة ثلاث مرات وقرأت الناس معه، ثم قال للمشاعلي: اعمل شغلك. فلما وضعوا الخية في رقبته ورفعوا الحبل انقطع به فسقط على عتبة باب زويلة، وقيل انقطع به الحبل مرتين وهو يقع إلى الأرض، ثم شنقوه وهو مكشوف الرأس".
ويحكي ابن إياس "فلما شنق وطلعت روحه، صرخت عليه الناس صرخة عظيمة وكثر عليه الحزن والأسى، وأقام ثلاثة أيام وهو معلق على الباب حتى جافت رائحته، وفي اليوم الثالث أنزلوه وأحضروا له تابوتا ووضعوه فيه، وتوجهوا به إلى مدرسة السلطان الغوري عمه، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه هناك، ودفنوه في الحوش الذي خلف المدرسة، ومضت أخباره كأنه لم يكن"، و بعد شنق طومان باي، حاول بعض من أمرائه المخلصين ذبح السلطان العثماني سليم الأول ليلا، غير أن حراس القصر كانوا حذرين وأفشلوا محاولة الاغتيال.