القروي السجين.. كابوس الإخوان في انتخابات الرئاسة التونسية
كتب عمر أحمد ووكالات
منذ انطلاق رئاسيات تونس ويثير المرشح السجين نبيل القروي الجدل لوجوده خلف القضبان في سابقة بالبلاد عززها حصوله على ثاني أكبر نسبة تصويت ضمن 26 مرشحًا، وفق استطلاعات غير رسمية.
ووفق نتائج غير رسمية، تأهل القروي (56 عاما) رفقة أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد للجولة الثانية للانتخابات التي شهدت نسبة التصويت في جولتها الأولى 45% من مجموع الناخبين الذين يبلغ عددهم أكثر من 7 ملايين شخص.
المرشح السجين دشن حزب "قلب تونس" وخاض به الانتخابات، إلا أنه وجد نفسه داخل السجن بتهمة التهرب الضريبي وتبييض الأموال عبر شركة مقيمة في "لكسمبورج".
ومنذ يوم 23 أغسطس الماضي، يقبع صاحب فضائية "نسمة" الشهيرة في تونس بالسجن، فيما تدير زوجته سلمى سماوي حملته الانتخابية وقبل أيام دخل في إضراب عن الطعام للمطالبة بحقه في الانتخاب.
ويعد سجن القروي في هذا التوقيت الانتخابي محل جدل بالبلاد، ففي الوقت الذي يقول فيه أنصار رئيس الحكومة يوسف الشاهد إنها حملة لمقاومة الفساد، يفند قيادات حزب "نداء تونس" هذه الإعلانات، معتبرين أن تحالف الشاهد والإخوان يكرّس الفساد من خلال الضغط على رجال الأعمال لصالح حملتهم الانتخابية.
في أقصى الشمال التونسي بمحافظة بنزرت ولد المرشح الرئاسي نبيل القروي سنة 1962، وتخرج في كلية التجارة بباريس ونشط في مجال الاتصال والأعمال منذ منتصف التسعينيات في القرن الماضي.
يلقبه المقربون منه بأنه صانع الرؤساء إعلاميا، وذلك للدور الكبير الذي لعبه في التسويق الإعلامي للحملة الرئاسية للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي سنة 2014 .
ويراه أعداؤه "ملك" الشعبوية السياسية التي تركز فقط على "دغدغة" العواطف الشعبية من خلال جمعية "خليل تونس" الخيرية التي يترأسها، دون أن يكون حاملا لمشروع أو برنامج حكم يخرج تونس من أزمتها.
وبقطع النظر عن القراءات القاتمة تجاه الرجل أو الأخرى التي تعتبره بصيصا جديدا لأمل آخر في تاريخ البلاد، فإن نبيل القروي هو حالة استثنائية تونسية لأنه الشخص الوحيد الذي مارس حملته الانتخابية لرئاسة تونس من داخل السجن، وهو الشخصية الوحيدة التي تهيأ مرورها للدور الثاني للرئاسة من وراء القضبان.
فوزي الرياحي، الناشط في حزب قلب تونس، قال إن القروي تعرض لمظلمة سياسية وهو العامل الذي جمع حوله كما كبيرا من التعاطف، معتبرا فوزه إنصافا له ولتاريخه.
ورغم أن القروي كان من بين القيادات الفاعلة داخل حزب نداء تونس فإن كثيرا من المحللين يعتبرونه رجلا من خارج المنظومة الحزبية والذي طرق أبواب العمل الاجتماعي للوصول إلى إقناع الجماهير العريضة.
ويؤكد الرياحي، في تصريحات صحفية، أن السنوات الثلاث التي اشتغل فيها القروي على رأس جمعية "خليل تونس" جعلته يجوب البلاد ويذهب إلى المناطق التي تخلت عنها الدولة ولم تقدم لها المرافق الأساسية.
وأوضح أن العمل الخيري كوّن له رصيدا عند فئات واسعة من الشعب التونسي، خاصة فيما تسمى "المحافظات المهمشة".
بتهمة التهرب الضريبي، وجد القروي نفسه داخل السجن غير أن أنصاره وجهوا الاتهام مباشرة لتحالف الشاهد والإخوان بمحاولة تصفيته سياسيًا وإقصائه من المسار الانتخابي نظرا لارتفاع وزنه السياسي خلال الأشهر الأخيرة.
ويعتقد عز الدين الشملي، المختص في القانون الدستوري، أنه في فرضية فوز نبيل القروي بالرئاسية فإنه سيتم إطلاق سراحه مباشرة، خاصة أنه سيتمتع بالحصانة الرئاسية، واعتبر الشملي، في تصريحات صحفية، أن سجنه يعد عملية سياسية ولا علاقة له بمضمون القضية المطروحة ضده.
ويعطي الدستور التونسي حصانة لرئيس الجمهورية تحميه من كل المتابعات القضائية لمدة 5 سنوات وتمنع أي ملاحقة ضده طيلة عهدته الرئاسية.
وأشار الشملي إلى أن هناك تداخلا بين السياسي والقضائي في قضية نبيل القروي، وهذا محرك لأكثر من تأويل ولأكثر من قراءة، على حد رأيه.
وأكد ضرورة أن يعود صوت العقل في تونس حتى لا تسقط المجموعة الوطنية في التشكيك في نتائج الانتخابات.
ويبقى أمام المرشح السجين معركة أخرى وهي جولة الدور الثاني تعلن عنها الهيئة في وقت لاحق التي يبدو أنها ستُخاض بمفاهيم جديدة، خاصة أن المرشح الآخر قيس سعيد جاء صعوده في الشأن العام التونسي من خارج منظومة الأحزاب السياسية.