الدولار يتراجع والدين يزداد.. هل ينهار الاقتصاد الأمريكي في 2020 ؟
رامي خلفهل نحن على مشارف أزمة اقتصادية جديدة تفوق في تبعاتها أزمتي 1929 سنة 2008؟ سؤال يطرحها الجميع منذ نهاية عام 2018، وأصبح أكثر مع اقتراب نهاية 2019 نتيجة الحروب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة ضد عدد من كبريات الاقتصاديات في العالم.
لا أحد ينكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي واجهة الاقتصاد العالمي، وعملتها الدولار تمثل عمود الخيمة لسوق المال في العالم، مما يعني أن انهيارها سيكون بمثابة كارثة عالمية، ومنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة في 20 يناير 2017 حدثت صراعات وحروب على واجهات متعددة من أجل وقف تراجع مركزها العالمي الاقتصادي والسياسي والعسكري، واستعادة موقعها كقطب عالمي أوحد أو أساسي.
ورغم أن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر عالميا من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي والأكثر تقدما تكنولوجيا، إلا أنه فقد في عام 2014 صدارته لقائمة أكبر اقتصادات العالم تبعا للقدرة الشرائية لفائدة الصين.
هيمنة الدولار
يهيمن الدولار الأمريكي على سوق المعاملات الدولية ويشكل الجزء الأكبر من الاحتياطيات النقدية لدول العالم، كما أن بعض الدول تتخذ من الدولار عملة لها، ويعد اقتصاد أمريكا اقتصادا متنوعا مع نسبة نمو مستقرة ومعدل بطالة متوسط، مع معدلات عالية فيما يخص الاستثمارات الرأسمالية والاستثمار في البحث.
توقع العديد من خبراء الاقتصاد ركودا في الاقتصاد الأميركي للعامين المقبلين، رغم اعتبارهم في الوقت نفسه أنه يمكن لقرارات المصرف الاحتياطي الفدرالي الأميركي تأخيره، بحسب استطلاع للرأي نشر الاثنين.
ومن بين 226 خبيراً استطلعت آراؤهم الرابطة الوطنية لاقتصاديي الأعمال، توقع 38 بالمئة دخول أول اقتصاد عالمي في ركود عام 2020، بينما تكهن 34 بالمئة دخوله في ركود عام 2021، فيما اعتبر 14 بالمئة أن ذلك سيحصل في وقت أبعد من ذلك.
في المقابل، توقع 2 بالمئة فقط دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود عام 2019، مقابل 10 بالمئة في استطلاع سابق أجري في فبراير.
وقالت رئيسة الرابطة وكبيرة الاقتصاديين في مجموعة "كي بي إم جي" كونستانس هانتر إن "الأشخاص المستطلعين توقعوا توسع نمو النشاط الاقتصادي عبر تغيير في السياسة النقدية" للاحتياطي الفيدرالي، الذي خفض نسبة الفائدة للمرة الأولى منذ 11 عاماً في أواخر يوليو.
ووفق الاستطلاع، توقع 46 بالمئة من الاقتصاديين خفضاً جديداً لنسب الفوائد من جانب البنك المركزي بحلول نهاية العام، فيما رأى 39 بالمئة أن الاحتياطي الفيدرالي سينهي عام 2019 بدون تغيير نسب الفائدة.
وخفض المصرف المركزي الأمريكي في 31 يوليو معدلات الفائدة الرئيسية للإقراض وثبتها بين 2 و2.5 بالمئة.
ضربة قوية للعملة الأمريكية
كشفت وسائل إعلام بريطانية عن كواليس انهيار الدولار ومروره بأسواء أداء أسبوعي، والذي يمثل ضربة قوية للعملة الأمريكية.
وقال موقع "بوند ستيرلينج" البريطاني إن العملة الأمريكية مرت بأسوأ أداء أسبوعي، وكان أبرز ذلك ما حدث أمس، الأربعاء، فى مستهل التعاملات، حيث انقلب منحنى عائد السندات الأمريكي للمرة الأولى منذ بداية الأزمة المالية.
وهبطت عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 1.6٪ خلال تداولات أمس، الأربعاء، مما أدى إلى انخفاضها عن عائد 1.61٪ المعروض لمشتري سندات الخزينة التي تبلغ مدتها عامين.
وأضاف الموقع البريطاني أنه مع انخفاض تكلفة الاقتراض الأمريكي لأكثر من 10 سنوات عن تكلفة التمويل لمدة عامين، أصبح المنحنى منحدرًا في الاتجاه الهبوطي، حيث تشير أسواق السندات إلى أن المستثمرين يرون أن مستقبل الاقتصاد قد أصبح أغمق أمس، الأربعاء.
وأوضح "بوند ستيرلينج" أن منحنى الولايات المتحدة لم ينقلب منذ عام 2007، قبل الأزمة المالية العالمية والركود الذي تلاها ومع ذلك، لم يكن المنحنى الأمريكي الذي يراقب عن كثب هو الذي قلب أمس لأن نفس الشيء حدث في سوق السندات في المملكة المتحدة البريطانية.
وتراجعت عائدات السندات في هبوطها أمس بسبب البيانات الرسمية التي تكشف أن الاقتصاد الألماني يتأرجح على حافة الركود، والذي جاء مباشرة بعد سلسلة من أرقام مبيعات التجزئة والصناعية الضعيفة أظهرت أن الاقتصاد الصيني يكافح خلال شهر يوليو ويستمر الانخفاض في الاتجاه السائد منذ عام 2018 عندما أصبح من الواضح أن حرب البيت الأبيض التجارية مع الصين، من بين أمور أخرى، تؤذي الاقتصاد العالمي.
واختتم الموقع أن كلا من الدولار الأمريكي والين الياباني والفرنك السويسري كانوا في مأوى آمن قبل تداولات أمس، الأربعاء.
انهيار "روما الحديثة"
تقارير اقتصادية أخرى حذرت من انهيار الولايات المتحدة الأمريكية تحت ضغط الديون الخارجية، التي تزداد بنحو 32 مليون دولار في الساعة.
وكشفت التقارير أن الولايات المتحدة أخذت تغرق أكثر فأكثر في مستنقع الديون، لتقف على حافة الإفلاس، بسبب المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وفساد الحكومة، وتدني كفاءة المسؤولين.
وأوضحت التقارير أن الإنفاق المتزايد باستمرار على الجيش الأمريكي يتسبب بانزلاق الولايات المتحدة نحو الإفلاس، فيما الحكومة والمسؤولون يخدعون السكان باستمرار، ويطالبون بمزيد من التمويل للاحتياجات العسكرية.
وأشار التقرير إلى نتائج دراسة أعدتها منظمة Open the Government وخلصت إلى أن الجيش الأمريكي ينفق مبالغ طائلة على المشتريات غير العسكرية.
وتحذر المجلة من أن الامبراطوريات العسكرية تموت حتما، لأنها تتوسع وتمتد أكثر من اللازم، وتسرف في الإنفاق حتى الفلس الأخير، كما حدث مع امبراطورية روما، والآن هذا يحدث مرة أخرى مع الإمبراطورية الأمريكية، التي بدأت تنهار بالفعل «ونحن نقترب من وضع حرج».
وأضافت المجلة، أن الولايات المتحدة أنفقت منذ 2011 على الحروب في الخارج 4،7 تريليون دولار، وتنفق الحكومة في العراق كل 5 ثوان أكثر مما يحصل عليه المواطن الأمريكي المتوسط في السنة، لذلك تحتاج واشنطن لإعادة التفكير بسياساتها من أجل المحافظة على البلاد، وإعادة تقييم المصالح الوطنية.