تفاصيل لقاء «مدبولي» مع مؤسسة «Business & Investment»
كتب أحمد المالحأجرى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مقابلة مع مؤسسة "Business & Investment" نُشرت في ملحق عن الاقتصاد المصري، وتم توزيعه مع عدد يوم الأحد 14 أبريل لصحيفة «واشنطن بوست» واسعة الانتشار.
وخلال مقابلة تحت عنوان «الاصلاحات الاقتصادية الجريئة تؤتي عوائد كبيرة»، أشار الملحق إلى أن الحكومة المصرية نفذت إصلاحات، ورسمت الخطط التي ستسمح في نهاية المطاف للقطاع الخاص بتولي مسئولية القيادة نحو تحقيق نمو مستدام وشامل.
وأضاف أن الاقتصاد المصري انتعش مٌجددًا بعد بضع سنوات من عدم الاستقرار، وهي الأعوام التي تلت أحداث الربيع العربي في العام 2011، لافتةً إلى أن الاقتصاد المصري أصبح جاهزًا ومستعدًا للانطلاق نحو مستويات أعلى من النمو.
وذكر الملحق أن الدولة المصرية، الواقعة ضمن حدود الشمال الأفريقي، والمستقرة سياسيًا واقتصاديًا، تمضي قٌدٌمًا مٌتسلحةً بخطة إصلاح ورؤية مستقبلية، حفّزت مشروعات تٌقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات في شتى المجالات من بناء المدن الجديدة إلى تنمية المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، التي ستحدث طفرة في المنطقة، واستطاعت بالفعل اجتذاب بعض من أكبر الشركات في العالم.
وأشار الملحق الذى تم توزيعه مع صحيفة «واشنطن بوست»، التي تٌعد واحدة من كبريات الصحف الأمريكية والعالمية، إلى أن المصريين منحوا ثقتهم مُجددًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما أعطوه أصواتهم خلال الانتخابات الرئاسية التي انعقدت في إبريل الماضي، وهو ما مكّن الرئيس السيسي من مواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، والذي وضع الاقتصاد المصري على طريق الانتعاش، وأسّس لنمو قوي ومستدام، من شأنه تحسين مستويات المعيشة لجميع المصريين.
وتوقع الملحق أن ينمو الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بشكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة مع الإصلاحات الاقتصادية والانتعاش الذي يغري العديد من المستثمرين الأجانب للاستثمار في الاقتصاد المصري المتنوع والديناميكي.
وأضاف الملحق أنه في ذروة الأزمة الاقتصادية التي واجهتها مصر خلال العام 2013- 2014، كان معدل النمو يبلغ أقل من 3%، وانخفضت الاحتياطيات الأجنبية إلى ما يقل عن 15 مليار دولار، وارتفعت البطالة لأكثر من 14%، ولكن منذ نوفمبر2016، وبمساعدة قرض من «صندوق النقد الدولي» بقيمة 12 مليار دولار، اتخذت مصر إجراءات جريئة تمثلت في تخفيض قيمة عملتها، وإزالة القيود المفروضة على تحويلات العملات الأجنبية بها، ورفع القيود على العملة الصعبة للمستوردين، وخفض دعم الوقود، وهو ما أثمر بالفعل عن نتائج إيجابية.
وخلال المقابلة، قال مدبولي، رئيس مجلس الوزراء: كان من الممكن أن يتجه هذا البلد إلى كارثة إذا لم نقم بإجراء هذه الإصلاحات الاقتصادية الجريئة، مُضيفًا: إذا نظرنا إلى الأرقام اليوم ، في الربع الأخير، نجد البطالة تنخفض إلى 8.9%، بعد أن كانت تدور حول 14%، وتجاوزت احتياطيات العملات الأجنبية للبلاد 44 مليار دولار أمريكي.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه بالنسبة للنمو الاقتصادي خلال العام الجاري، فإن الحكومة تستهدف تحقيق معدل نمو بمقدار 5.6%، وسنعمل جاهدين خلال العام المقبل للوصول إلى معدل نمو نسبته 6%، وهو ما وصفه رئيس الوزراء بأنه «إنجاز مٌبهر حقًا».
كما أشار خلال المقابلة إلى تقارير المؤسسات الدولية التي تُظهر أن مصر كانت من بين الدول الخمس الأكثر نموًا في العالم، مُؤكدًا على أنه فيما يتعلق بالاقتصاد، تسير الأمور بشكل جيد والحكومة تعتزم مواصلة البناء على ما حققه برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
وأوضح مدبولي أنه عندما شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، طلب الرئيس السيسي من الشعب المصري التحلي بالصبر، لأن هذه الإجراءات الصعبة من المنتظر أن تستغرق بعض الوقت قبل أن يظهر أثرها الإيجابي، لافتًا إلى أنه بفضل برنامج حماية اجتماعية متنوع وقوي تم تدشينه ليسير جنبًا إلى جنب مع أجندة الإصلاح الاقتصادية، فإن المصريين الآن خاصة من الشرائح الأقل دخلًا في صعيد مصر، بدأت تشعر بأثر هذه البرامج الاجتماعية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه نتيجةً لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وبرنامج الحماية الاجتماعية والذي يشمل توفير الأغذية بأسعار مدعومة، وبرنامج تكافل وكرامة للمساعدات المالية، وبرنامج الإسكان الاجتماعي الذي يستهدف 200000 أسرة مصرية سنويًا، فقد انخفض معدل الفقر في صعيد مصر لأول مرة، مؤكدًا أن هذه المبادرات والبرامج الاجتماعية تمضي قٌدما.
وذكر أن هدف الحكومة الآن هو التركيز على ثروة مصر من الموارد البشرية، متابعا: «فلدينا أكثر من 65% من السكان من الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا، وهذا يعد مصدر قوة وتحدٍ في ذات الوقت».
وقال: «الشيء الأكثر أهمية إذا كنت ترغب في تقديم مساهمات إيجابية حقيقية لتطوير الثروة البشرية هو التركيز على قضايا الصحة والتعليم، ومن أبرز المبادرات الي تركز عليها الحكومة في القطاع الصحي هو برنامج القضاء على التهاب الكبد الوبائي «فيروس سي» في مصر، فمصر واحدة من أعلى البلدان من حيث معدل الإصابة بهذا المرض في العالم ويهدف البرنامج إلى فحص 60 مليون مصري وعلاج المصابين به بالمجان».
ولفت رئيس الوزراء، خلال مقابلته مع الصحيفة الأمريكية، إلى جهود تعزيز دور النساء والشباب في الحكومة ومجال الاقتصاد والأعمال واعتبرها من الانجازات المجتمعية المهمة، إذ أنه ولأول مرة في تاريخ مصر، يشغل النساء ثمانية مناصب وزارية، أي ربع التشكيل الحكومي، كما أشار إلى أن مشاركة السيدات في الأنشطة الاقتصادية التجارية آخذة في التزايد، مضيفًا : هناك توجه واضح في زيادة الاعتماد على النساء والشباب، لأننا نعتقد أن لديهم اسهامات مهمة في هذا البلد.
وأشار رئيس الوزراء إلي حرص الحكومة علي خلق بيئة مواتية للاستثمار من خلال الاستمرار في تنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادي، وكذا تنفيذ تدابير لجعل البلاد أكثر ملاءمة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع القطاع الخاص علي المشاركة في نمو الاقتصاد الوطني.
وأوضح مدبولي أن السنة المالية 2017-2018 شهدت ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 14.5% ليصل إلي 7.9 مليار دولار مقارنة بالعام السابق، مُضيفًا أن الحكومة تستهدف الوصول خلال السنة المالية 2018-2019 إلي 11 مليار دولار.
وفي ذات السياق نوّه مدبولي إلي أنه سيتعين على مصر تأمين مستويات أعلى بكثير من الاستثمار الأجنبي في السنوات القادمة وذلك لضمان نجاح إستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 واستكمال عدد كبير من المشروعات الضخمة المخطط لها، خاصة وأن ذلك يتطلب اقتصادًا تنافسيًا ومتوازنًا ومتنوعًا، يعتمد على الابتكار والمعرفة.
وأكد رئيس الوزراء أن الإجراءات التي إتخذتها الحكومة مثل قانون الاستثمار الجديد، والتوجه الحكومي للقضاء على البيروقراطية، والحوافز المالية التي يتم تقديمها، وإن كانت ضرورية لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، فإن من المهم أيضًا إصلاح طرق التفكير المتأصلة لدى موظفي الحكومة في الدرجات الوظيفية الأقل، وهي التي لا تزال تعمل بالطرق التقليدية، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن بعض الموظفين من هذه الشريحة لايزالون متمسكون بطرق العمل القديمة، ودائمًا ما ينظرون إلى أية إجراءات جديدة بنظرة شك وخوف من تنفيذ هذه الإجراءات على أرض الواقع.
وأضاف رئيس الوزراء: هدفنا في الفترة المقبلة كحكومة هو فتح المزيد من الأبواب، وجعل المناخ أكثر ملاءمة ومرونة للقطاع الخاص، لتوفير الظروف المواتية لقيام القطاع الخاص بدوره المنشود في المساهمة في نمو الاقتصاد الوطني.
وأضاف مدبولي أن الحكومة ساعدت على مدار السنوات الأربع الماضية في توجيه البلاد نحو الوجهة الصواب من خلال ما تم تنفيذه من إصلاحات وخطط للنهوض بالبنية التحتية وغيرها من المشاريع التنموية التي ستسمح في نهاية المطاف للقطاع الخاص لتولي مسئولية القيادة نحو تحقيق رؤية مصر 2030 وما بعدها.
بالإضافة إلى الجهود التي قامت بها الحكومة لدعم ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرة البنك المركزي في هذا الشأن، حيث تأمل الحكومة في رفع نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج القومي الإجمالي إلى 25%.
وذكر رئيس الوزراء أن أهم شيء في الوقت الحالي هو تنفيذ مبادرات جديدة لدعم التصدير ودفع مساهمة القطاع الخاص في تحسين الميزان التجاري للبلاد، موضحًا أننا "نعمل الآن بجدية مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي لإزالة أية مشكلات تواجه المستثمرين المحليين أو الأجانب".
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حرصت علي إطلاق آلاف المشاريع بتكلفة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، كجزء من خطة التعافي الاقتصادي، لإصلاح البنية التحتية، لافتًا إلى أنه خلافًا للمشكلات المالية قصيرة الأجل، فإن ضعف البنية التحتية هي قضية تعود لعقود مضت ومن ثم تحتاج جهدًا مٌضاعفًا لمعالجتها.
وقال رئيس الوزراء: «وفقًا للتقديرات، نجحت هذه المشروعات العملاقة في توفير حوالي 4 ملايين فرصة عمل جديدة، وقمنا بتحسين البنية التحتية والطرق والمياه والصرف الصحي والغاز والكهرباء بشكل كبير وملحوظ، كما نجحنا في تقليل الفجوة بين العرض والطلب في مجال الإسكان والخدمات الأخرى، كما نجحت الحكومة في تعزيز التوسع الأفقي على الأراضي الصحراوية».
وأعرب مدبولي، في الختام،عن سعادته لتحقيق هذه المشروعات الضخمة لأهدافها وهو ما كان يعد تحديا آخر واجهته مصر في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، مضيفا أنه أصبح لدينا الآن قاعدة جيدة وتسهيلات تسمح للقطاع الخاص بالمساهمة بشكل أفضل لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي، قائلًا : «في اعتقادنا، بدون هذه الأنواع من برامج الإصلاح الاقتصادي والإجتماعي والخطوات الجادة التي نفذتها مصر، لم يكن بالإمكان أن تقوم للاقتصاد المصري قائمة».