«هنهايات».. قبلة الملوك والزعماء.. أطلال من تراب (صور)
كتب محمد الصيادظل شاهداً على تاريخ مصر.. كان قبلة الملوك والزعماء منهم سعد زغلول، ومصطفى النحاس، وفؤاد سراج الدين، والملك فاروق، وحتى مصطفى محمود، وأنيس منصور، وقائمة كبيرة من المشاهير.
محل «هنهايات» الكائن في شارع 26 يوليو، ورقم 54، فور أن تطأ قدماك أمام العقار تجد لافتة مكتوباً عليها «شركة س هنهايات» تأسست عام 1907، وهذه الشركة خاصة ببيع الساعات وإصلاحها، ويعد هذا العقار الأشهر فى شارع 26 يوليو لما كان يحتويه من مقتنيات تاريخية، إلا أنه أصبح مجرد أطلال تتصدره تلال من الأتربة.
حكاية «س هنهايات» تعود للعام 1907 عندما افتتحه الخواجة المصري اليهودي، ذو الأصل البلغاري «سلامون هنهايات» كأول ورشة لإصلاح وبيع الساعات ذات الماركات الشهيرة، والنظارات الشمسية، وعيَن اثنين موظفين مساعدين له، هما أحمد سيد «مسلم» والسيد جورج «قبطي»، لكثرة سفره إلى سويسرا وألمانيا لتعامله الدائم مع موردي الساعات هناك، إلى جانب متابعة عمله الأساسي كصائغ مجوهرات.
حقق محل الساعات شهرة واسعة دفعت الأثرياء والمشاهير للإقبال عليه، حتى أصبح وجهةِ لأفراد الأسرة العلوية الحاكمة لمصر وقتها من بينهم الملك فاروق وفواد فضلًا عن الأجانب المقيمين في مصر من موظفي هيئة قناة السويس، والضباط الانجليز ونجوم الفن وكبار الساسة.
يحوي المحل على الكثير من القطع التاريخية من بينها منبه الملك فاروق، الذي فشلت ورش الساعات في إصلاحه خلال فترة الأربيعنات إلا أن أحمد سيد شيخ الساعاتية قام بإصلاحه، رغم أنه لم يتجاوز الحادية عشر من عمره وقتها، وعندما عاد المنبه للملك أخبروه قصة الطفل الذي أصلحه، قرر إهداءه المنبه مكافأة له، ومن ثم بقي بالمحل منذ ذلك الوقت.
ولعل القصة الأشهر داخل المحل، الخواجة سوسو ليفي الجاسوس الإسرائيلي، كان يعمل صبيا لدى هنهايات قبل أن يهاجر إلى إسرائيل، كان الخواجة سوسو أحد أبطال قصة رأفت الهجان الحقيقيين.
وكان يعمل بالمحل أيضا رجل يهودي من أصل بلغاري وشقيقته وهما ألبرت كورتبرج، وفاني كورتبرج، ونظرا لحبهما لمصر وعدم رغبتهما في الخروج منها، رفضا تنفيذ قرار خروجهما من مصر، وانتحرا من أعلى العقار الكائن فوق محل هنهايات.