موقع السلطة
الخميس، 26 ديسمبر 2024 08:45 صـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
نوستالجيا

شكري سرحان.. الفتى الذهبى جوهرة السينما المصرية

شكري سرحان
شكري سرحان

محمد شكري الحسيني سرحان، من مواليد 12 مارس عام 1925، في قرية الغار، مركز الزقازيق، محافظة الشرقية، التحق بمدرسة فؤاد الأول الثانوية بالعباسية، ورسب مرتين وتم فصله، لكن ناظر مدرسة الإبراهيمية الثانوية بجاردن سيتي وافق على قيده بالمدرسة لتفوقه في رياضة الملاكمة، كما أنه يحفظ القرآن عن ظهر قلب، ولا يترك صلاة، فهو من أسرة متوسطة متدينة ووالده رجل دين أزهري.

 

كان والده الشيخ الحسيني سرحان قد حصل على الثانوية الأزهرية، والتحق بكلية أصول الدين، وعمل مدرسا للغة العربية والتربية الدينية ، وتزوج من إحدى بنات مدينة فاقوس بالشرقية، اسمها بهية محمد عثمان، وأنجب منها آل شكري، هم بالترتيب: صلاح، شكري، عطيات، صفية، سامي، إنصاف، وشوقية، ثم عين الوالد بمدرسة الورديان بالإسكندرية، وانتقل بعدها إلى إحدى مدارس السيدة زينب بالقاهرة، فاستأجر شقة بشارع "الكرماني" المتفرع من شارع المبتديان، أمام مؤسسة دار الهلال.

 

عاش شكري سرحان سنواته الأولى في القرية التي تعلم فيها العادات والقيم والأصول، وفي مذكراته التي نشرت في كتاب حمل اسم ابن النيل قال عن تلك الفترة قال: "كانت نشأتي في القرية حيث التقاليد والقيم هناك مثل الماء والهواء، كنت أخرج من الجامع صباحا، وأنا في السابعة من عمري لكي أتوجه لحفظ القرآن الكريم عند الشيخ عبدالعاطي، وكان جميع الفلاحين حولي يعيشون على نمط واحد لا يتغير، حيث التقاليد والأصول والجذور".

 

بعد حصول «سرحان» على الابتدائية، انتقلت الأسرة إلى القاهرة، وأقاموا في حي السيدة زينب، والتحق الابن بمدرسة الإبراهيمية الثانوية، وقد امتاز أثناء دراسته بكثرة الأنشطة التي يشارك فيها، فكان بطلاً رياضيًا في المصارعة والملاكمة وكرة السلة، وفي تلك الفترة فكر في الالتحاق بفريق التمثيل بوصفه أحد ألوان النشاط، وبالفعل قدم مع الفرقة العديد من المسرحيات، وفوجىء بحصول المدرسة على كأس المدارس الثانوية في التمثيل.

 

بالقرب من المنزل، كانت توجد سينما الهلال الصيفي، وهي سينما بدون سقف، فكان الطفلان شكري سرحان وشقيقه صلاح يصعدان فوق أسطح العمارات المجاورة لمشاهدة الأفلام بالمجان، خاصة أفلام الإثارة والأكشن، التي يتفوق فيها البطل، وهذا ما جعله يعشق رياضة الملاكمة ويمارسها في نادي  "تلال زينهم" وينتقل إلى نادي السكة الحديد، ثم إلى نادي طلعت حرب، وبسبب حصوله على بطولة القاهرة، حصل على منحة مجانية منحها وزير المعارف العمومية آنذاك محمد بك العشماوي، لكل من يحصل على بطولة المحافظة في الرياضة أو التمثيل أو الفنون التشكيلية والرسم.

 

على الرغم من سعادة شكري سرحان بالجائزة، إلا أن أسرته شعرت بالقلق والخوف من أن يؤثر التمثيل على مستقبله، فقام والده بنقله لمدرسة فؤاد الأول في العباسية رغم بعدها عن المسكن. وقرر شكري سرحان نسيان التمثيل بشكل مؤقت، والتركيز في دراسته، ولكنه لم يستطع أن ينفذ قراره، لأنه فوجىء بأعضاء فرقة التمثيل بالمدرسة الجديدة يلاحقونه للانضمام لهم، فاضطر في النهاية للموافقة، وقدم معهم العديد من المسرحيات، وبعد مرور 6 شهور حصل فريق المدرسة على كأس التمثيل، وفي حفل حضره وزير التعليم قام شكري سرحان بأداء دور مارك أنطونيو في مسرحية يوليوس قيصر، فقام الوزير بمنحه مجانية التعليم مدى الحياة.

 

بعد حصوله على الثانوية العامة، قرر شكرى سرحان الاتجاه للفن، وهو الأمر الذي رفضه والده بشكل قاطع، ومع إصرار الابن على دراسة الفن والاشتغال به، قام والده بطرده من المنزل، فلم يجد شكري سرحان سوى جامع السيدة زينب ليبيت فيه، ولكن هذا الوضع لم يستمر كثيرًا، إذ سرعان ما غير الأب موقفه بعدما وجدا إصرارا كبيرا من ابنه على الاشتغال بالفن، فأرسل في استدعائه من جامع السيدة زينب، ووافق على التحاقه بمعهد الفنون المسرحية مع شقيقه الأكبر صلاح، وكان أحد خريجي الدفعة الأولى من المعهد مع صلاح منصور، و فريد شوقي، و عبدالرحيم الزرقاني و حمدي غيث.

 

عشق شكري التمثيل، وأراد وشقيقه صلاح الالتحاق بمعهد التمثيل بعد فشلهما في الحصول على مجموع يؤهلهما دخول الكليات الكبرى، لكن والدهما الشيخ الأزهري رفض، وغضب عليهما وحرمهما من المصروف، فبكي الصبيان وتوسلت الأم والشقيقات عطيات وصفية وإنصاف، إلى الأب الذي رضخ في النهاية، لا سيما أن معهد التمثيل قد افتتح حديثا، بعد أن أنشأه الفنان زكي طليمات، وسيكونان ضمن تلاميذ الدفعة الأولى عام 1944.

 

كانت الدفعة الأولى تضم إلى جانب الشقيقين صلاح وشكري سرحان كلا من فريد شوقي، عمر الحريري، صلاح منصور، نعيمة وصفي، حمدي غيث، صلاح لطفي، محمد السبع، لطفي نور الدين، عبدالرحيم الزرقاني، ونبيل الألفي، ولحقت بهم في العام التالي الدفعة الثانية، وتضم كلا من فاتن حمامة، سميحة أيوب، سناء جميل، ملك الجمل، زهرة العلا، كريمة مختار، برلنتي عبدالحميد، عبدالمنعم إبراهيم، عبدالمنعم مدبولي، علي الزرقاني، عبدالبديع العربي، عدلي كاسب، أحمد الجزيري، توفيق الدقن، وإبراهيم الشامي.

 

عقب التخرج قدم شكري سرحان أدوارًا صغيرة في بعض الأفلام منها نادية مع عزيزة أمير و محمود ذو الفقار، و " أوعي المحفظة " مع تحية كاريوكا و محمود شكوكو، و " جنة ونار " مع عبد العزيز محمود و نعيمة عاكف، وفي نفس الوقت ألحقه زكي طليمات عميد المعهد بمسرح الدولة، الذي كان يضم أكبر تجمع من ممثلي المسرح بعد انضمام فرقة يوسف وهبي لهم، وفي تلك الفترة تقرر تقسيم الفرقة إلى قسمين، أحدهما تبقى في القاهرة، والثانية تقوم بجولة في الصعيد، وكان شكري سرحان ضمن المجموعة الثانية التي بدأت الجولة حتى وصلت المنيا، وهنا تلقى شكري سرحان برقية تخطره بضرورة العودة للقاهرة لتصوير أول بطولة مع نعيمة عاكف من خلال فيلم " لهاليبو " فلم يعرف كيف يتصرف في هذا الموقف، وفي مذكراته حكى شكري سرحان عن هذا الأمر قائلا :

 

فى عام 1947، حضر إلى القاهرة منتج لبناني اسمه جورج منصور، وتعاقد مع زكي طليمات ليكون مديرا فنيا للأعمال التي يقوم بإنتاجها في مصر، وطلب منه أن يرشح طالبا وطالبة من تلاميذه يتوقع لهما مستقبلا طيبا، ليتعاقد معهما للمشاركة في أعماله القادمة، فرشح له الطالب شكري سرحان، والطالبة فاتن حمامة، ووقع معهما عقدًا لمدة ثلاث سنوات مقابل عشرة جنيهات شهريًا بخلاف أجرهما في الأفلام، بشرط ألا يتشاركان في أيه أعمال أخرى غير أعماله.

 

كان أول فيلم من إنتاج المنتج اللبناني جورج منصور بعنوان «الجولة الأخيرة»، واختار بطلا حقيقيا في الملاكمة اسمه بن خليفي، من الجزائر، وأسند إليه دور البطولة، وهي شخصية ملاكم في الفيلم، ورشح فاتن حمامة للقيام بدور البطولة أمامه، ويوم البروفات لم تفهم فاتن ولا كلمة مما يقوله الملاكم الجزائري، الذي يجمع في لهجته بين الفرنسية والعربية والأمازيغية، كما أنها لم تشعر نحوه بأي انسجام، ورأت أنه من الصعب أن تحبه في الفيلم، فرفضت ورفض والدها أحمد أفندي حمامة أن تمثل الدور، فتعاقدوا مع زميلتها بالمعهد سميحة أيوب.

 

أما شكري سرحان الذي كان سيقوم بدور الملاكم في الفيلم، فتم استبعاده لأن المنتج اللبناني كان معه شريك جزائري، لكن الصدفة لعبت دورها، حيث كان شكري في دار الأوبرا يشاهد أحد العروض وجلس إلى جواره لحسن حظه الصحفي بمجلة آخر ساعة صلاح ذهني، وتعرفا على بعضهما، وعرف أن شكري يدرس بمعهد التمثيل وبطل مصر في الملاكمة، ويمارس المصارعة وألعاب القوة وكرة القدم، فدعاه لزيارته بالمجلة ومعه مجموعة من الصور الشخصية، ونشر تحقيقًا بعنوان "فتى أول ينقصه منتج ومخرج " .

 

قرأ المخرج حسين فوزي المقال، واتصل بالمحرر وطلب منه المحرر أن يرسل إليه هذا الشاب الممثل الملاكم الذي يبحث عن مخرج، لأنه يبحث عن وجه جديد ليقوم بدور البطولة أمام الممثلة الجديدة التي اكتشفها واسمها نعيمة عاكف، في فيلم «لهاليبو»، وبالفعل نجح الوجه الجديد شكري سرحان في الفيلم الذي عرض لأول مرة يوم 29 سبتمبر 1949، وكان يعرض معه فيلم  «غزل البنات»  وفيلم " عفريته هانم " .

 

بعد نجاحه في أداء دور البطولة في فيلم «لهاليبو»، قرر «سرحان» الاستقالة من عمله في المسرح القومي، والتركيز بشكل كامل في السينما التي كانت تحتاج في تلك الفترة وجوه جديدة، فبدأ يقدم مجموعة من الأفلام منها بابا عريس مع نعيمة عاكف وإخراج حسين فوزي، و أنا بنت ناس مع المخرج حسن الإمام، ثم جاءته أول فرصة حقيقية من خلال فيلم ابن النيل للمخرج يوسف شاهين، الذي كان قد قدم فيلمه الأول بابا أمين، ولم ينل النجاح المنشود، وكان ابن النيل هو ثاني أفلامه.

 

البنك الأهلي
شكري سرحان الشرقية الثانوية الازهرية فاقوس ملاكمة الافلام السيدة زينب مؤسسة دار الهلال سينما الهلال
tech tech tech tech
CIB
CIB