موقع السلطة
الخميس، 26 ديسمبر 2024 09:09 صـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
نوستالجيا

بيرم التونسي.. الشاعر المنفى كرمته ثورة يوليو

بيرم التونسي
بيرم التونسي

الأوله.. آه.. والثانية.. آه.. والثالثة آه.. الأوله مصر ... قالوا تونسي ونفوني، والثانية تونس.. وفيها الأهل جحدوني، والثالثة باريس وفيها جهلوني.

 

هكذا لخص الشاعر الثائر بيرم التونسي، رحلة حياته المؤلمة والممتعة في نفس الوقت، حيث قضى أغلب سنوات عمره منفيا، ليس لشيء سوي لنضاله من أجل الحرية ودفاعه عن الطبقات الكادحة في المجتمع المصري .

 

فلم يكن محمود محمد مصطفي بيرم التونسي، الذي كتب بالفصحي والعامية، وكتب الأغنية والأوبريت والأزجال والمقامات حتي أصبح من أعلام الزجالين في مصر والوطن العربي، مجرد شاعراً أو زجالاً فقط إنما كان مناضلاً وطنياً وأديباً ثورياً، يدعو إلى حياة أفضل لطبقات الشعب الفقيرة وظل لمدة نصف قرن من الزمان ينادي بالحرية والاستقلال ويدافع عن الفقراء والكادحين من خلال كتابته للأشكال الأدبية الرائعة التي تتسم بروح الفكاهه والنكات والسخرية والنقد اللاذع المستمر لأوضاع المجتمع وهذا ما عرضه للاضطهاد من الاستعمار والسلطات الحاكمة.

 

ولد الشاعر بيرم التونسي يوم 4 مارس 1893 بمدينة الإسكندرية وسُمى بالتونسي، لأن جده لأبيه كان تونسياً قدم إلى مصر عام 1833، وقد عاش طفولته في حي الأنفوشي بالسياله، وتوفي والده وهو في الرابعة عشرة من عمره فانقطع عن دراسته بالمعهد الديني وعمل بدكان والده حيث كان يعمل بتجارة الحرير، ولكنه خرج من هذه التجارة صفر اليدين، وحتي يستطيع الانفاق علي والدته عمل «بيرم» صبياً بمحل بقاله ولكن عشقه لسماع المواويل في الموالد حال دون استمراره في العمل حيث طرده صاحب المحل.

 

وفي تلك الأثناء يتعرف بيرم علي أحد البناءين الذي كان يحكي له بعض الطقاطيق والأدوارفيتعلق قلبه بها وهذا ما يجعله يقبل علي شراء كتب الأساطير الشعبية مثل " ألف ليله وليله وأبو زيد الهلالي" وكانت هذه الكتب تحتوي علي أبيات من الشعر ووقعت في يد الصبي أبيات للشاعر ابن الرومي التي اعتبرها من أمتع ما قرأ، ودائما ما كان يفشل بيرم في مشروعاته الإقتصادية ويفلس بعدها بسبب إنفاقه كل ما يملك من مال علي شراء كتب والدواوين الشعرية، حيث كان يقرأ دواوين الشعر والزجل ومقامات الحريري والهمزاني .

 

وفي عام 1918 وفي أثناء اللحظات القاسية والثقيلة التي عاشتها مصر في الحرب العالمية الأولى، نظم بيرم التونسي قصيدته «بائع الفجل»، والتي يسخر فيها من المجلس البلدي الذي كان يغالي في فرض الضرائب علي أبناء الشعب.

 

وفي عام 1919 قامت الثورة المصرية والتحم بيرم بالشعب المصري، وأصبح لسانه الصادق الجريء وصار قلمه طلقات ناريه في وجه الظلم والفساد، وفي تلك الأثناء أصدر «بيرم» مجلة المسلة وعطلتها السلطات بعد 6 أعداد فقط  ثم أنشأ صحيفة «الخازوق» التي أوقفتها السلطات أيضا بعد عددين، ثم صدر الأمر بنفي «بيرم»، وكان ذلك ليلة عيد الأضحي، ونفذ الأمر صباح يوم العيد، وفي المنفي بفرنسا يذكر عيد الأضحي ويتذكر مصر واليوم الذي نفي فيه فيسجل حنينه في قصيدة حزينة.

 

وبسبب هذه القصيدة شرده الملك فؤاد لمدة عشرين عاما حتى كرمته ثورة يوليو وأعطته أوراق جنسيته المصرية التي أنكرها عليه العصر الملكي، حيث كرمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومنحه جائزة الدولة التقديرية وبعدها حصل علي الجنسية.

 

وفي قضية علاقة المثقف بالسلطة لم ينس بيرم الأدباء الذين تعلقوا بأزيال السُلطة ومؤسساتها فهؤلاء في نظر بيرم ليسوا سوي ادعياء لأن الفن يرتبط بالحرية ولا يمكن أن يتحول الي وظيفة رسمية فكان يري أن الفنان اذا تحول إلى موظف رسمي فانه لن يبدع أبدا بل سيتحول الي بوق من أبواق السلطة التي تدفع له راتبه الشهري وفي قصيدة بعنوان أديب ميري وضح بيرم موقفه من هؤلاء بأسلوبه الساخر اللاذع.

 

وبعد معاناة شديدة مع مرض الربو توفي بيرم التونسي في 5 يناير عن عمر ناهز 68 عاما.

البنك الأهلي
بيرم التونسي جمال عبد الناصر ثورة يوليو الملك فاروق شعر لسان الثورة الشعب
tech tech tech tech
CIB
CIB