سكنها نجيب الريحاني ومحمد فوزي.. «الإيموبيليا» شاهد على زمن الفن الجميل (صور)
إسلام أبو خطوةيطل على اثنين من أهم شوارع وسط القاهرة الخديوية، هما شارع شريف باشا وشارع قصر النيل.. هكذا عمارة «الإيموبيليا»، أقدم عمارات حي وسط البلد، أنشائها عبود باشا عام 1938 وتعد من أضخم عمارات القاهرة، والتي شارك في بنائها أكثر من 4 آلاف عامل.
وتبلغ مساحة «الإيموبيليا» نحو 5444 متراً مربعاً، تم تصميمها بناء على مسابقة معمارية نظمتها الشركة العمومية المصرية، وتقدم لهذا المشروع أكثر من 13 متسابقاً.
تمت دراسة المشاريع لأكثر من شهر كامل، ومنحت الجائزة الأولى لماكس أدرعي وجاستون روسيو بلغت قيمتها 600 جنيه، أما الجائزة الثانية فكانت للمهندس أنطوان نحاس، الذي بنى العديد من المباني والهيئات في مصر.
موضوعات ذات صلة
يعود تاريخ إنشاء العمارة لـ 30 أبريل عام 1938، وتكلف بناؤها مليونا ومائتي ألف جنيه مصري، وهو مبلغ ضخم جدًا بمقاييس العصر الذي بنيت فيه والعمارة عبارة عن مبنى له جناحان يحتوي الأول على 13 دوراً، والثاني على 11 دوراً، وتطل على حديقة بنافورة من الرخام، وتحتوي على 370 شقة كلها مكتوبة بالأرقام الإنجليزية، كما انها أول عمارة بها جراج تحت الأرض يسع نحو 100 سيارة.
وقد كان للبناية نظام تدفئة خاص، حيث كان يتم وضع نفايات الشقق في مواسير ضخمة تصل إلى "بدروم" العمارة، حيث تحرق وتمد كل الشقق بوسائل تدفئة عبر مجموعة مواسير ضخمة موجودة حتى الآن، لكن النظام نفسه توقف، كما تحتوي البناية على جراجا كبيرا يسع لأكثر من مائة سيارة.
وعقب بناء العمارة، نشرت الشركة المالكة إعلانا في الصحف لتشجيع الناس على السكن بها، نظرا لارتفاع سعر إيجار الشقق بها في ذلك الوقت، والذي بلغ 12 جنيها مصريا للشقق الكبيرة، فيما كانت أغلب الشقق السكنية في ذلك الوقت تتراوح إيجاراتها ما بين جنيهين إلى ثلاثة جنيهات ومن بين النقاط الهامة التي ركزت عليها الشركة المالكة لترويج السكن بعمارة الإيموبيليا، كان وجود عدد كبير من المصاعد يقدر بنحو 27 مصعدا تخدم مختلف الفئات والمتطلبات، وبينها مصاعد مخصصة للزوار وأخرى مخصصة للأثاث.
وفي أعوامها الأولى، شهدت عمارة الإيموبيليا إقبالاً كبيرًا من صفوة المجتمع المصري للسكن بها، فسكنها المشاهير من السياسيين والأدباء وكبار الصحفيين والفنانين اللامعين ورجال المجتمع، ليطلق عليها المصريون عمارة الزمن الجميل حيث اجتذبت عددا كبيرا من الفنانين عاشوا بها أو كانت مكاتبهم بين جدارنها أمثال نجيب الريحاني، ومحمد فوزي، وأنور وجدي وزوجته ليلى مراد، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والفنانة ماجدة الصباحي، والكاتب فكري أباظة، والفنانة الراحلة كاميليا، والمخرج هنري بركات، والمطربة أسمهان شقيقة الفنان فريد الأطرش، والمخرج أحمد سالم، والكاتب توفيق الحكيم.
ففي الطابق الثامن كان يسكنان أنور وجدي وزوجته ليلى مراد في الشقة، التي أشهرت بها شركه الإنتاج الخاصه بهم، وكانت بجوارها شقة الفنانة اليهودية كاميليا الشهيرة بعشيقة الملك فاروق، الذي كان يحضر إليها متخفياً من غير حراسة، وفي الطابق الثالث شقة 311 كان يسكن المطرب الشهير عبد العزيز محمد، وما زالت الشقة تحمل يافطة أفلام عبد العزيز محمود وتملكها ابنته، وكان الفنان محمد فوزى في الطابق السابع مع زوجته هداية الملقبة بملكة جمال المعادي ويملكها الآن ابنه الدكتور منير بعد وفاة والدته السيدة هداية التي كانت تزورها باستمرار الفنانة مديحة يسري الزوجة السابقة لمحمد فوزي كما كان يسكن العمارة الملحن كمال الطويل.
كان عبود باشا، مشهورًا بحب الأهلي، وتولى رئاسته في عام 1946، ولذلك قام بتخصيص شقتين بـ«الإيموبيليا» للمغتربين من لاعبي الأهلي، كما وظف بعضهم بشركة البوستة الخديوية، والتي كان مقرها في العمارة أيضا.
ومع الوقت، ومع حركة الانتقال التي شهدها سوق العقارات المصرية إلى مناطق أخرى على أطراف العاصمة نتيجة ازدحام وسط القاهرة وتحوله إلى منطقة تجارية وإدارية، صار أغلب مستأجري شقق العمارة الشهيرة من المكاتب التجارية والشركات ومكاتب المحاماة والأطباء، وإن احتفظت البناية بشكل عام برونقها الخارجي حتى اليوم.