شيريهان.. ملكة الفوازير التي أسعدت الجميع وعاشت مِحن كثيرة

«ياشي ياشي مين فيكوا معرفهاشي».. بهذه الكلمات البسيطة عرف الناس نجمة جديدة ومختلفة.. وجه مألوف، ملامحه موجودة في كل بيت مصري، حتى الإسم كان جديدًا ومختلفًا.

شيريهان.. الفنانة التي أسعدت الجميع وعاشت مَحن كثيرة لولاها لكانت أهم نجمة في تاريخ السينما المصرية في عصرها.

اسمها بالكامل شريهان أحمد عبد الفتاح الشلقاني، المولودة بالقاهرة في 6 ديسمبر عام 1963، مأساتها في قضية النسب ترجع حينما تزوجت والدتها عواطف للمرة الثانية من المحامي الشهير أحمد عبد الفتاح الشلقاني، وأنجبت منه طفلتها شريهان في السادس من ديسمبر عام 1964، ولكنّ الزواج كان عرفيًّا لسبب أغرب من الخيال، وهو خوف السيدة عواطف على ابنها الموسيقار عمر خورشيد من خوض التجنيد الإجباري، حيث حصل على الإعفاء الموقت بصفته العائل الوحيد لوالدته، وزواجها الرسمي يعني دخوله الخدمة العسكرية فورًا، ولكنّ شريهان التي دفعت الثمن بعد وفاة والدها، عندما رفضت أسرته الاعتراف بها ومنحها نصيبها من تركته، وتم تداول قضايا إثبات النسب طويلًا داخل أروقة المحاكم، حتى حكمت المحكمة نهائيًّا ببنوّتها للمحامي الشهير، في العشرين من يونيو 1980، أي عندما كان عمر شريهان 16 سنة مما انعكس بالسلب في نفس وقلب شيريهان.

لم تشهد شيريهان أزمة كبيرة في حياتها مثل أزمتها في مصرع شقيقها عمر خورشيد عام 1981، في ظروف غامضة لم يكشف عنها الستار حتي الآن ففقدت الوعي، وأصيبت بصدمة عصبية كادت أن تفقد حياتها فيها، وكانت تقول: «أنا مش فقد اخويا وبس أنا فقد أخويا وأمي وأبويا وسندي في الدنيا دي».

درست شريهان الحقوق وقد أنهت دراستها بعد سن 18 من الجامعة بحيث كانت تنوي أن تساعد والدها في إدارة أعماله إلا أن حبها للفن جعلها تصبح راقصة استعراضية وممثلة محترفة حيث تلقت دروس خاصة بالرقص التعبيري ورقص الباليه في مدارس في باريس.

اكتشف الفنان الراحل عبد الحليم حافظ شريهان، وهى طفلة من خلال شقيقها عمر خورشيد، حيث كانت أخت وصديقة لأخيها من والدها عمر خورشيد الذي كان عازفاً في حفلات أم كلثوم و عبد الحليم حافظ فرقصت وهى طفلة أمام أم كلثوم، حتى ضحكت أم كلثوم، وقالت لها: «شكلك هتبقي فنانة كبيرة».

وأول أعمالها كان عبر فيلم «ربع دستة أشرار» و فيلم «قطة على نار» عام 1978 وكانت طفلة وقتها، لكن بعد ذلك قدمت أول أفلامها وهى فتاة ناضجة إلى حد ما من خلال فيلم «الخبز المر» أمام فريد شوقي و محمود عبد العزيز و شويكار و سعيد صالح عام 1982.

ثم كان دورها الأهم في فيلم «العذراء والشعر الأبيض» مع المخرج الكبير حسين كمال، عام 1984، وكان فاتحة خير عليها، وبسبب هذا الفيلم لفت نظر المخرج فهمي عبد الحميد مخرج الفوازير ودخلت شريهان عالم الفوازير عام 1985 لمدة ثلاثة سنوات متتالية نافست فيها ملكة الفوازير نيللي حتي أصبحت من أهم فنانات الاستعراض.

برزت شريهان في مسرحيات متعددة بأدوار استعراضية منها: «سك على بناتك، أنت حر، علشان خاطر عيونك، المهزوز، و شارع محمد علي».

أشهر الأعمال التي أدتها شريهان على صعيد السينما: ريا وسكينة 1984 ، الطوق والأسورة 1986 الذي اختير ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية،العذراء والشعر الأبيض 1983، عرق البلح1997، العشق والدم عام 2001، خلي بالك من عقلك، و مين فينا الحرامي مع عادل إمام عام 1985.

أبرز مسلسلات شريهان التلفزيونية: المعجزة، رحمة، ألف ليلة وليلة، دمي ودموعي وابتسامتي، نار ودخان والامتحان، بجانب فوازير رمضان حتى لقبت بـ«ملكة الفوازير»

تزوجت النجمة شريهان في أول حياتها من علال الفاسي، ولكنها انفصلت عنه، وتزوجت من رجل الأعمال الأردني علاء خواجه، ولها ابنتها لولوة وتالية.

مأساتها مع الحادث الشهير

ففي الرابع والعشرين من مايو العام 1989، عاشت تفاصيل حادث مأسوي كاد ينهي حياتها الفنية تماما، كان ذلك عندما تعرضت للحادث الشهير الذي سجله محضر الشرطة رقم 13 أحوال سيدي جابر الإسكندرية، باعتباره حادث سير.

وبالرغم من الروايات الكثيرة التي تحدثت عنه وما شابه من ملابسات غامضة والربط بينه وبين عدد من الشخصيات المهمة في المجتمع المصري، إلا أن شريهان خرجت من هذا الحادث بإصابات بالغة في العمود الفقري استدعت سفرها إلى الخارج وبقاءها سنوات طويلة تحت الإشراف الطبي لتعود بعدها إلى ممارسة نشاطها الفني بقوة وتحدى.

مأساة زواجها الأول

قبل أن تفوق شريهان من هذه الأزمة الصحية العنيفة ارتبطت بزيجة فاشلة مليئة بالمشاكل والمشاحنات، كان طرفها الآخر الثري العربي علال الفاسي، ليتم طلاقهما بهدوء بعد العديد من الأزمات. ظلت شريهان بعدها بدون زواج حتى اقترنت في سرية تامة من زوجها الحالي رجل الأعمال الأردني علاء الخواجة.

أما سبب سرية هذا الزواج الذي تسبب الإعلان عنه في أزمة كانت حديث الوسط الفني وقتها، فكانت رغبة علاء الخواجة في عدم جرح مشاعر زوجته الأولي الفنانة إسعاد يونس، التي ثارت ثائرتها عند معرفتها بالخبر وأعلنت الحرب الشعواء على شريهان في الصحف والمجلات، إلا أن شريهان وزوجها علاء التزما الصمت حتى هدأت رياح الغضب الآتية من الفنانة إسعاد يونس، التي تقبلت الأمر الواقع في النهاية حتي أن الفنانة أسعاد يونس أصبحت أهم صديقة في حياة شيريهان بل و وقفت بجوارها في محنة مرضها الاخير وكان موقفا نبيلا ساميا فضربت مثل أعلى في ذلك.

ومن بين الأزمات التي عاشتها الفنانة شريهان أزمتها الشهيرة مع نقابة المحامين التي رفضت إدراجها في سجلاتها بعد حصولها على ليسانس الحقوق في مايو 2001، مبررة موقفها بتعارض العمل الفني لشريهان مع العمل بمهنة المحاماة، ما دفع الفنانة إلى إقامة دعوى قضائية لقيدها في النقابة، شريهان بررت موقفها بقولها: «علمتني الحياة أن أسبق الأحداث، وعلمتني كلية الحقوق التمسك بكل حق لي في الحياة»

أزمتها مع المرض

وعندما أنجبت شريهان ابنتها «لولوة»، ظن الجميع أن المآسي ودعتها وأن الحياة ابتسمت لها، ولكن في اللحظة نفسها التي لمعت فيها عيون الكثيرين بالفرحة وهم يصفقون لفوزها بجائزة «أحسن ممثلة» في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي في العام 2002، عن دورها في فيلم «العشق والدم» لمعت العيون بالدمع وهم يسمعون عبارات رسالتها القصيرة التي أرسلتها لتبرر بها اعتذارها عن عدم الحضور لتسلم الجائزة... كلمات ربما كانت بسيطة، إلا أنها كانت شديدة التأثير في كل من سمعها، حيث قالت فيها: «إنني أمر بأزمة صحية تمنعني من الحضور، ولكن كل شكري لكم ولتقديركم للفيلم ولدوري فيه، وأطلب منكم الدعاء».

وعلى الرغم من تلك الرسالة التي أوضحت أنها في محنة، إلا أن شريهان لم تفصح وقتها عن طبيعة مرضها ولا حجمه، إلا أن الحقيقة سرعان ما تم الإعلان عنها حيث اضطرت شريهان لإجراء جراحة في الجانب الأيمن من وجهها بعد استئصال ورم خبيث هدد حياتها، ولتمر بعدها برحلة علاج طويلة استمرت على مدى السنوات الأربع الأخيرة وحتي الآن مازالت تحت الملاحظه المستمرة رغم إعلانها من وقت لآخر عودتها للفن من جديد.