ثمن رأس الظواهري.. أمريكا تتوقع سيناريوهات الانتقام وتحذر أنصارها من رد مزلزل
ماهر فرجضربت أمريكا تنظيم القاعدة وقطعت رأسه للمرة الثانية بعد أن قامت بالمهمة الأصعب سابقًا وبترت خطر أسامة بن لادن الزعيم التاريخى للتنظيم وقامت بتصفيته عام 2011، والآن تكرر الضربة باستئصال أيمن الظواهرى، أكثر القيادات حنكة وقدرة على المواجهة، وأعلاهم شهرة وصدامية ضد الولايات المتحدة ومصالحها وتحالفاتها فى العالم بعد بن لادن، ومع ذلك تتخوف الولايات المتحدة من رد فعل التنظيم، وتؤكد أنه لن يصمت وسيكون هناك ضريبة تُدفع مقابل رأس الظواهرى لنفخ ذات التنظيم والحفاظ على معنويات أنصاره، لكن أين ستكون الضربة ومباشرة لأمريكا أم لحلفائها فى المنطقة، والسؤال الأهم: هل تخوفات أمريكا حقيقية بالنظر لامتدادات التنظيم وقدراته القتالية أم هناك تهويل هدفه مكاسب انتخابية لصالح الإدارة الحالية!
حتى الآن لا يبدو أن أمريكا على علم بما سيحدث لاحقًا، لهذا وبالتزامن مع الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، أطلقت الخارجية الأمريكية تحذيرات من ردة فعل انتقامية من القاعدة على مقتل زعيمها داخل الولايات المتحدة وخارجها.
تشدد وزارة الخارجية الأمريكية بعد الإعلان عن مقتل الظواهرى على توخى الحذر من عملية انتقامية قد يقوم بها تنظيم القاعدة ضد منشآت أو مواطنين أمريكيين.
موضوعات ذات صلة
من ناحية أخرى، كشف تحليل لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عن الفوائد الرمزية القوية للتخلص من زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى أيمن الظواهرى، لكنه فى الوقت نفسه يرى أنه من غير المرجح أن يؤثر مقتله على العمليات اليومية للتنظيم والتى تقودها بشكل متزايد فروع خطيرة فى أفريقيا.
حسب المعهد يملك التنظيم أذرع منتشرة فى عدة دول بقارات مختلفة، وقد يستطيع القيام بضربات انتقامية حتى لو محدودة ضد المصالح الأمريكية سواء القواعد العسكرية أو البعثات الدبلوماسية وحتى قتل رعايا.
فرع الصومال
ويعتبر فرع تنظيم القاعدة فى الصومال المعروف باسم "حركة الشباب"، من أقوى الأفرع التابعة للقاعدة، وبإمكانه توجيه ضربات ضد السفارات الأمريكية فى عدد من الدول الأفريقية خاصة التى تعانى من اضطرابات أمنية، بالإضافة إلى القواعد الأمريكية فى المنطقة، مثل قاعدة "باليدوجل" الجوية المتواجدة فى محافظة شبيلى السفلى بالصومال.
وانبثقت حركة الشباب الصومالية عن جماعة المحاكم الشرعية، وأكدت فى 2014 مبايعتها لتنظيم القاعدة، ويقدر عدد مقاتلى الحركة ما بين 7 – 9 آلاف شخص، وهناك أيضًا فرع التنظيم فى سوريا "جبهة النصرة " الذى ظهر فى يناير 2012 بعد عقب الثورة التى تواكبت مع ثورات الربيع العربى، وهو أكبر مجموعة مسلحة فى سوريا بعد تنظيم داعش الإرهابى.
كما يملك التنظيم جبهة النصرة وبإمكانها توجيه عمليات عسكرية ضد مصالح أمريكية فى سوريا والعراق، خاصة مصافى النفط التى تسيطر عليها واشنطن، ناهيك عن التواجد العسكرى الأمريكى المنتشر فى البلدين والذى يعتبر الأكثر عرضة للهجمات خلال الفترة الأخيرة.
المغرب ودول الساحل
هناك أيضًا تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب ودول الساحل الأفريقى والذى انبثق عن الحركة المسلحة فى الجزائر، والذى يتكون من قرابة 4 آلاف مقاتل وكان اسمه حتى 2007 الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وقد نجح فى جذب مقاتلين من كل دول المنطقة وأكد فى 2014 مبايعته للقاعدة.
وبإمكان فرع القاعدة فى بلاد المغرب أن ينفذ هجمات ضد المصالح الأمريكية هناك، حيث تمتلك واشنطن قاعدتان بحريتان فى كينيا، بالإضافة إلى الانتشار العسكرى فى مناطق الساحل الأفريقى، والذى قد تصبح هدفا سهلا للقاعدة.
ليبيا
هناك أيضًا تنظيم القاعدة فى ليبيا، والذى يتكون من 5ألاف مقاتل، وقد يشكل تهديدا للسفارة والبعثة الدبلوماسية الأمريكية هناك، خاصة فى ظل الاضطرابات الأمنية التى تشهدها البلاد.
اليمن
يملك تنظيم القاعدة زراعا له فس اليمن وتشكيل من 4 آلاف مقاتل ونتج عن اندماج الفرعين اليمنى والسعودى فيما يعرف بتنظيم قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب فى عام 2009.
وبإمكان هذا الفرع التابع للتنظيم أن يشكل تهديدا مباشر لواشنطن فى المنطقة خاصة القواعد العسكرية فى البحر الأحمر المتواجدة جيبوتى، أو الأسطول السابع وعدد آخر من المصالح الأمريكية المهمة.
أفغانستان وباكستان والهند
هناك أيضًا فروع التنظيم فى أفغانستان وباكستان والهند، قد تشكل تهديدا آخر خاصة القواعد العسكرية الأمريكية فى تركمانستان وأوزباكستان التى تتشارك فى حدود مع إسلام آباد.
فرع بنجلاديش وميانمار
يوجد فرع آخر للقاعدة فى بنجلاديش وميانمار والذى يتألف من 300 فرد، وقد يشكل تهديدًا للمصالح الأمريكية هناك، وأهم هذه الأهداف سفارة واشنطن، بالإضافة إلى مراكز استعلامات فى شيتاجونج وجيسور وراجشاهى وسيلة يت التى تديرها السفارة.
فرع إندونيسيا
ويحضر تنظيم القاعدة بقوة فى إندونيسيا، حيث يتكون فرع التنظيم هناك من قرابة 3 آلاف مقاتل، الأمر الذى يشكل تهديدًا للمصالح الأمريكية، خاصة أن هناك تواجدًا لواشنطن منذ حرب فيتنام، ناهيك عن إنشاء مركز تدريب مشترك مع الجيش الإندونيسى، مما قد يصبح هدفًا لهجمات القاعدة فى مسعى للانتقام لمقتل زعيم التنظيم أيمن الظواهرى.
خلق عدو خارجي
وفيما يتعلق بمدى التهديد الذى قد يشكله تنظيم القاعدة على أمريكا، قال اللواء محمد عبد الواحد، الخبير الأمني: إن الإدارة فى الولايات المتحدة الأمريكية دائمًا ما تحاول فى سياستها خلق عدو خارجى لها، من أجل تبرير التدخل العسكرى الدول المختلفة، بالإضافة إلى كسب دعم الشعب الأمريكى.
أوضح الخبير الأمني، أن بايدن استغل عملية اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، من أجل كسب دعم جماهيرى، قبل خوض الحزب الديمقراطى انتخابات التجديد النصفى فى نوفمبر المقبل، وأيضًا كمحاولة لإخفاء الخطأ الذى ارتكبته إدارته بالانسحاب المفاجئ من أفغانستان مما تسبب فى كارثة إنسانية هناك.
وحول إمكانية أن يقوم تنظيم القاعدة بضربة انتقامية ضد المصالح الأمريكية على حلفية اغتيال زعيمه أيمن الظواهرى قال عبد الواحد: إنه لا يتوقع أن يكون هناك رد فعل قوي من القاعدة على مقتل الظواهرى مبرِّرًا ذلك بأن القاعدة أصابها الضعف نتيجة الضربات المتلاحقة التى تعرضت لها.
وقال الخبير الأمني: إن تنظيم القاعدة يعانى من ضعف كبير بعد مقتل أسامة بن لادن نتيجة حدوث انقسامات كبيرة فى أفرع التنظيم فى أفرع الشام وفرع بوكوحرام الذى أعلن فيما بعد انضمامه لتنظيم داعش الإرهابى، بالإضافة إلى أن القوات الأمريكية تمكنت من قتل عدد كبير من العناصر الفاعلة فى التنظيم خلال فترة احتلالها لأفغانستان، مما شكل ضربة قوية للتنظيم.
وأضاف "عبد الواحد"، أن تنظيم القاعدة يفتقر إلى الترابط الذى كان عليه فى عهد بن لادن حيث أصبحت الاتصالات بين القيادة والأفرع صعبة للغاية، نتيجة تكثيف أجهزة الاستخبارات الغربية من مراقبتها للتنظيم، وأكد أن الظواهرى فشل فى إعادة توحيد صفوف القاعدة بعدما تولى الزعامة خلفا لبن لادن، الأمر الذى جعل من عمليات التنظيم ليست بالخطورة التى كانت عليها من قبل.
ويعتقد اللواء محمد عبد الواحد، أنه فى حال قيام تنظيم القاعدة بعملية انتقامية ضد المصالح الأمريكية فإنه سيكون عمل محدود للغاية، مشيرا إلى أن إدارة بايدن تهول فى تقديراتها من انتقام القاعدة لكسب دعم الشعب الأمريكى خلال الانتخابات القادمة.
يتفق اللواء سمير فرج، الخبير الإستراتيجى مع هذه الرؤية، ويرى أن القاعدة لن يكون لها ضربات انتقامية ضد المصالح الأمريكية ردا على مقتل زعيم التنظيم أيمن الظواهرى، وإن كان لها ضربة انتقامية فستكون محدودة للغاية، وأرجع ذلك إلى ضعف التنظيم فى الوقت الحالى، مستدلا بذلك على أن القاعدة لم تنتقم لمقتل زعيمها أسامة بن لادن.
وأضاف الخبير الإستراتيجى، أن الولايات المتحدة الأمريكية لازالت تضع عينها على تنظيم القاعدة، وتنفذ ضربات ضده فى كل أنحاء العالم، وتوقع فرج، أن يكون خليفة الظواهرى الإرهابى المعروف باسم سيف العدل، إذ يملك دورا فعال فى إعادة هيكلة التنظيم، نظرا لصغر سنه ومشاركته فى تدريب وتجنيد العديد من العناصر التابعة للتنظيم.
نقلًا عن العدد الورقي..،