منسق وحدة الدعم النفسي بالأزهر يكشف تفاصيل إنقاذ الشباب من الأزمات
كشف الدكتور محمد معتوق، مشرف وحدة الدعم النفسي، بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تفاصيل مبادرة الأزهر "أنت غال علينا" لتقديم الدعم النفسي للشباب، بعد أن تلاحظ مرور البعض بأزمة نفسية أو ضائقة حياتية تدفعه إلى إيذاء نفسه أو غيره.
وقال محمد معتوق في حوار لصدى البلد، إن رصد هذه الحالات من خلال تحليل الأسئلة الواردة إلى مركز الأزهر العالمي للفتوى وكذلك رصد الواقع، كان سببًا في إطلاق المبادرة لتقديم الدعم النفسي، في إطار سعينا الدؤوب لبناء الإنسان بالتعاون مع قطاعات الأزهر المتنوعة والتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية، وأطلقت الوحدة ومن بعدها المبادرة في شهر سبتمبر 2021، حيث لاقت إقبالًا كبيرًا وقبولًا مجتمعيًا.
وأضاف ان الحقيقة المبادرة ليست وليدة الآن، ولكنها أطلقت العام الماضي في شهر سبتمبر عام 2021، بسبب الاستهانة بالنفس من قبل بعض أبنائنا وشبابنا وفقدان الثقة في أنفسهم أو عدم وجود حالة من التواصل بينهم وبين أُسرهم أو المجتمع .وجاء إطلاق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، مبادرة "أنت غال علينا" إيمانًا بالدور الملقى على عاتق الأزهر الشريف ودور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية كواحد من إدارات الأزهر الشريف التي أنشئت تحديدًا لتصحيح المفاهيم ونشر الوعي ومواجهة مثل هذه الظواهر الخطرة، إيمانًا بهذا الدور نمدُّ يدَ العون والمساعدة للجميع، فقد تلاحظ لدى المركز عن طريق الاتصالات الواردة إليه بالطرق المختلفة، وما تم رصده من مشكلات واضطربات أصابت بعض الشباب وأدّت إلى إقدام هؤلاء الشباب على التخلص من حياتهم،وكان مركز الأزهر العالمي قد أطلق مبادرة "أنت غال علينا" لبيان قيمة الشباب الحقيقية وقيمته الإنسانية وأنه مخلوق محترم فضّله الله على سائر خلقه كما قال سبحانه "۞وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلًا".الإسراء [70].وكما قال الله لملائكته "لو خلتقموهم لرحمتموهم" وكل هذه المعاني السامية التي يجب تذكير هـٰؤلاء الشباب بها، فحاولنا تقديم الدعم للشباب وتجديد العلاقة بينهم وبين ربهم وتقوية صلتهم به تبارك وتعالى.
وأضاف ان القضية هي أن الشباب يحتاج من يسمعه ، فإذا وجد من يسمعه وصلنا إلى جزءٍ كبيرٍ من حل الأزمة وتخفيف الحِمل أو الإشكال الذي يُعاني منه، و هدأت نفسه؛ لأن الإنسان اجتماعيٌ بطبعه يحب الاجتماع والمشاركة والتعاون ، وهذا من هدي النبي صلّى الله عليه وسلم، ولو اتبعنا هدي النبي في زيارة المريض وصلة الرحم وتفقد أبناءنا بالرّعاية، وكافة الأعمال التى تدعم المشاركة بين أبناء المجتمع بعضهم البعض، لانتهت أزمات كثيرة.
وأشار إلى أننا الآن نصاب بخرس أُسري وخرس مجتمعي ، وهذا الخرس قد يضر الإنسان بالتأثر لما يعرض عليه عبر السوشيال ميديا، ويشترك في ذلك الولد أو البنت، وكذلك التأثر بالضغوط النفسية داخل الأسرة، وانشغال الآباء والأمهات عن رعاية الأبناء والاهتمام بهم أو سماع مشاكلهم.
وأوضح أن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، يقوم من خلال وحدة الدعم النفسي للشباب، بتعريف الشباب بمهارات حل المشكلة وكيفية أن يكون عنده وعي يدعمه بتحاوز الأزمة بعد تحديد نوعها واختيار التخصص المناسب لدعم صاحب الاتصال أو من يحتاج إلى هذا الدعم، وبعض الأمور المتعلقة بالناحية النفسية وأنواع شخصية الإنسان وغيرها من الأمور التي تساعده على حل المشكلات التي يقع فيها في الوقت الحالي أو في المستقبل وإذا كانت الأزمة تحتاج إلى تدخل طبيب نفسي تعاونّا في هذا الجانب أيضًا.
وأضاف ان وحدة الدعم النفسي بمركز الأزهر العالمي، تقدم الدعم لكل من يجد في نفسه ضيقًا أو حرجًا أو يتعرض لمشكلات تستعصي على الحل فتضيق الدنيا أمامه وربما تلجأه النظرة الضيقة للدنيا وعدم قدرته على تجاوز الأزمة التي يمر بها إلى ارتكاب تصرفات تضره أو تلحق الضرر بالآخرين.
وأوضح ان الشريعة الإسلامية، تقدم للناس علاجًا لدعمهم وقت الكروب والأحزان، وتقدم لهم الحلول التي تعلق قلوبهم بالله تعالى وتدفع عنهم الشعور بالإحباط والقنوط، واالله تعالى قال في القرآن الكريم لعلاج الإحباط (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
وذكر ان مبادرة أنت غالي علينا تقوم بعدة أدوار يأتي على رأسها توجيه الدعم الكامل للشباب من خلال الاستماع إليهم أولًا وتحليل المشكلة ثم بالجلوس معهم والتحدث إليهم وتذليل الصعوبات التي تواجههم سواء أكانت ذاتية أو أُسرية أو مجتمعية ومساعدتهم على حلها.
وأضاف أن التواصل والحديث لا يقتصران فقط على الشباب بل يتم التواصل مع أهلهم سواء الأب أو الأم لتوجيهه لطريقة التعامل الصحيحة مع الابن أو الابنة لتحقيق الهدف الأسمى وهو بناء إنسان قوي قادر على الاندماج مع المجتمع.
كما أن العمل في هذا الأمر لم يتم بصورة عشوائية حيث لدينا فريق استشاري علمي لمركز الأزهر العالمي للفتوى يضم أساتذة في الطب النفسي وعلى النفس والاجتماع.
وتابع : رسالتي للشباب الذين يمرون بأزمات نفسية أو يتعرضون لمشكلات في حياتهم، أن يتواصلوا فورًا مع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، لتقديم الدعم النفسي لهم، ومساعدتهم في تجاوز الأزمات الذين يمرون بها.
وأكد أن روح الإنسان غالية على من خلقها وهو الله تعالى والله تعالى قال {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} كما قال النبي "إن لنفسك عليك حق"، وبدوره، مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أطلق 425 مبادرة ومنها مبادرة "أنت غال علينا".
وأوضح ان بعض الحالات والاستفسارات التي ترد إلى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، قد تتطلب الحديث عن الدعم النفسي، لأن مثلًا الرجل قد يقع في الطلاق بسبب الضغط النفسي ، ولذلك يستوجب على الشيخ أن يكون ملمًا ببعض الجوانب العلمية التي تُعينه على تقديم الدعم النفسي، كما أنّ كثيرًا من الفقهاء وعلماء الدين درسوا أحوال الناس قبل أن يقدّموا لهم الفتوى، لارتباطها بحال الانسان وبالأحداث وبالأشخاص ارتباطًا وثيقًا.
وأكد أن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، يستعين بمتخصصين في الطب النفسي وعلم النفس والاجتماع، والتربية والسلوك؛ لرفع كفاءة أعضاء المركز بصفة مستمرة ؛ ولدعمهم علميًا ومساعدتهم على حل المشكلات المرتبطة بالضغوطات النفسية، فتراكم الهموم والأحزان توصل بالشباب إلى مرحلة اليأس فيتملكه اليأس ولا يرى في حياته جانبًا إيجابيًا ويرى في حياته عبء على من حوله.
وتابع : سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم تعرض لكثير من المشكلات، وواجهها بالصبر والقوة والإرادة لكسر تحديات وصعوبات هذه المشاكل للعبور إلى بر الأمان، ومركز الأزهر يأخذ من هذا الهدي؛ فيفتح بابه أمام جميع الشباب لحل مشكلاتهم، سواء بالحضور شخصيًا أو الاتصال برقم 19906 ، أو من خلال صفحة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على فيس بوك، ويتم الحديث معهم وقد تصل الجلسة الواحدة إلى ساعتين وقد يصل إلى خمس ساعات، وقد يرسل المركز فريقًا إلى الشباب لو كانت المسافة بعيدة، ويتطلب الحضور شخصيًا لحلها مباشرة.