السياسة و السينما علاقة شائكة
طارق ثابت موقع السلطةهل فكّر المنتمون إلى حقل السينما الجزائرية " الباهتة" في عمل يسعون من خلاله إلى معالجة ما يحصل مؤخرا على الساحة السياسية،الثقافية و الاجتماعية ...؟
أليست السينما واحدة من الوسائل السمعية البصريّة على غرار التلفاز؛ المعوّل عليها في تمرير رسائل للمجتمع و تغيير أو تثبيت وجهة نظر، موقف، رؤية، عادة، تقليد...بعينه؟ لماذا يتم اقصاؤها،أم أنها غير مؤهّلة لتقود المشهد أو تعزّزه بالموازاة مع التلفزيون ؟
كثيرة هي القضايا الآنية التي تحتاج تناولا و معالجة سينمائية عاجلة، مركّزة و دقيقة ،تَبرُز فيها قوّة النّص المكتوب،و براعة مخرجه،الأخير الذي يتحمّل قسطا وافرا في إظهار العمل بزيٍّ متميّز و متفرّد ،يرقى إلى مستوى المتلقي النّوعي و ذائقته الجمالية،تفاديا لتشويهها من خلال فبركة الواقع أو طمسه و تعتيمه.
موضوعات ذات صلة
السينما التي لا تواكب ما يحدث داخل المجتمع من أحداث و تغيّرات،من خلال صناعة أفلام و مسلسلات "هادفة" ولا تحاول فعل ذلك هي في اعتقادي إما قاصرة،ما يعني افتقارها للمؤهلات المادية،البشرية و الفنية على حدٍّ سواء،و إما محتكرة لجهة سياسية محدّدة تقيّد حركتها ومبادرتها،و إن سلّمنا فرضا بأخذها زمام المبادرة و الفعل السينمائي،فلا تَسْلم من متابعةٍ و مراقبةٍ لصيقة،خوفا منها لا عليها..وهذا هو المتوقّع في غالب الأحوال.
أريد في هذه الأسطر المعدودة،أن أشير فقط إلى أن المرافقة السياسية المفرطة للسينما كوسيلة جماهيرية،و محاولة تكبيل،تقييد،كبح و الحدّ من نشاطها الطبيعي،الذي جُعلت من أجله في الأساس،هو نوع من المجاهرة و السّطو العلني على حريّة الإبداع الذي هو نوع من أنواع حريّة الرأي و التعبير ،و إن كان لا بد من المتابعة و التلصّص،فلا ضير في ذلك ما دامت تضع حدًّا لكل ما يُسيء إلى المتلقي من مضامين تدعو إلى الخروج عن نمط أخلاقي،ديني،إجتماعي ..أما مسألة الحدّ من ما يفضي إلى وعي سياسي سليم،فهو الإنتحار الإيديولوجي بعينه .
المتغيرات السياسية التي تعيشها الجزائر منذ عام خلا، والمتمثلة أساسا في الحَراك الشّعبي المُطالِب بتغيير جذريّ على مستوى الهرم السياسي في البلاد، ومن ثمّ تسليم القيادة لجيل لم تتّسخ يمينه ولا شماله بمال أو تلاعب إداريّ مشبوه،هي مادة سينمائية دسمة للغاية،يمكن الخوض فيها بأسلوب يمتزج بين الفكاهة و الجديّة،في رسائل و توضيحات تُغني عن كثير الخرجات البائسة للمسؤولين الميؤوس منهم ومن خرجاتهم .
كما أن القول بأن الحديث في السياسة لا زال من الطابوهات التي لاينبغي للسينما تناولها في إنتاجها،فأعتقد أنه طرح كلاسيكي إلى حد بعيد،على الأقل هنا في الجزائر،و يفسّر أيضا التغوُّل الرّهيب للأنظمة السياسية المستبدّة على كل مصدر من مصادر تنوير الجماهير،لتبقى قدر المستطاع في ظلماتها الفكرية،ولكن هيهات أن يكون لها ذلك بطبيعة الحال .
_________________________
[email protected]