تحدث الجماد في حضرته.. نجيب محفوظ الذي واجه القاهرة وصارحها (١)
عزة عبد الحميد موقع السلطةأن تجد نفسك ممسكًا بسيجارة وفي يدك الآخرى فنجان قهوة وأمامك جريدة، ومتواجدًا بأحد الأحياء الشعبية ينتقل ذهنك مباشرة إلى الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، هذا الرجل الذي عاش ومات بين القاهرة وشوارعها ووقصصها، فهو من نقل لنا تفاصيل حي الجمالية بمقاهيها ومنازلها وحكاياتها.
تعرض لمحاولة اغتيال نتيجة روايته الشهيرة "أولاد حارتنا"، الذي اتهمه من خلالها بعض المتشددين أنه تطاول على الأنبياء، ليعيش بعدها نجيب محفوظ مُكملًا مسيرته، وينقضوا هم مع الزمان إلى وراء القضبان، ويظل اسم الروائي العالمي الحاصل على جائزة نوبل في الأدب وقلادة النيل من الدولة المصرية حيًا بيننا حتى اليوم رغم وفاته منذ سنوات.
الفلسفة هي البداية
درس الأديب الفلسفة رغبة منه في معرفة أصل الوجود تتلمذ على يد عميد الأدب العربي طه حسين، وزاد علمه بكتب أفلاطون وأرسطو مهيئًا نفسه بأن يكون فيلسوف، قاده فكره إلى المجدد الأوهري مصطفى عبد الرازق ليتتلمذ على يده ويستمع له دينيًا، وظل الصراع في نفس نجيب بين الفسلفة و الأدب لفترة طويلة، ليصل أنه سيدمح بين الاثنين ليكون الأديب الفيلسوف.
أحب التاريخ وأفاق على الواقع
انفصل "النجيب" عن الواقع في بدايته متمركزًا في التاريخ عن طريق رواياته وهي "عبث الأقدار" و"رادوبيس" و"كفاح طيبة"، إلى أن حدث الصراع السياسي في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي صدمه وزج به للكتابة عن الواقع فما بين صراع بين التيار الشيوعي والإسلاميين وبلاد على أعتاب حرب عالمية ثانية، ليكون هو الراصد تلك الأجواء من خلاء الحواري الشعبية.
عرى ستار القاهرة
رأينا بعده صرخة نارية من العالمية من خلال فيلم "القاهرة 30"، الذي كشف بها الواقع المصري بشكل صارخ دون تجميل، لنجد أن أفضل من أرخ لهذه الفترة بشكل أُيب الجميع بصدمة من مصر الثلاثينات وكان ذلك من خلال "محجوب عبد الدايم" و" إحسان" و"سالم الإخشيدي" وغيرهم.
خلق المهمشين بالسينما
مع تعمق محفوظ في رسم شخصيات الواقع المصري في تلك الأثناء، كشف هو عن أبطال لم يأت أحدً بهم على شاشات السينما مهن قبل لنجد أنفسنا أمام فيلم "زقاق المدق"، ليحمل شخصيات هامشية ممن ضاقت الأرض بهم، ومنهم "الفران" و" زوجته"، صاحب القهوة وهكذا، وننظر أيضًا إلى فيلم خان الخاليلي والتي كانت بطولة روايته ترجع إلى المكان وليس الأشخاص لنعيش في المكان بكل تفاصيله وحكاياته.
علاقته بسيد قطب
كان سيد قطب من أهم النقاد الفنيين والأدبيين في عهد لمعان بريق النجيب، وهو من وجه أنظار الجميع إليه بعد ما كتبه عن في 3 مقالات لمجلات مشهورة في ذلك الحين، وكانت كتابات "قطب" عن نجيب متمثلة في روايات "زقاق المدق" و"كفاح طيبة" و"القاهرة الجديدة"، كما أنه تنبأ بحصوله على جائزة نوبل، مؤكدًأ أن العالمي وضع الرواية المصرية على خطى الرواية العربية.