الشيخ مصطفى إسماعيل والخادمة
كتب محمد علي موقع السلطةكان يومه الأخير واعياً في الحياة هو يوم الجمعة 22 ديسمبر 1978، سافر الشيخ مصطفي إسماعيل من قرية ميت غزال بالغربية، مسقط رأسه، الساعة التاسعة صباحاً مودعا ابنته الكبرى إنجى، متجها إلى دمياط للقراءة في افتتاح جامع البحر هناك.
وقبل أن يصل إلى دمياط كان يداعب سائقه كعادته و كان يقرأ بعض القرآن في السيارة، ويقول السائق إن الشيخ كان حائرا لأنه كان ينسى بعض الآيات القرآنية التي كان يرددها فيلتفت إلى قائلاً: قل لي يا محرم إيه الآية اللي بعد الآية دي؟.
وقرأ الشيخ قراءته الأخيرة وكأنه يودع مستمعيه، والذين كان من ضمنهم في ذلك اليوم محمد أنور السادات – للأبد، وبعدها طلب من السائق الرجوع إلى قريته (قرية ميت غزال بجوار طنطا) وعند مفترق الطريق بين طنطا والمحلة الكبرى طلب منه التوجه إلى الإسكندرية و كان مرحا جدا مع محرم «السائق» وعند دمنهور طلب من السائق التوقف لشراء بعض سندوتشات الفول من محل العاصي الشهير هناك ، وبالمناسبة ذلك المحل هو نفسه المحل الذي أوقف من أجله فاروق الأول القطار الملكي، وبعث من يأتي له ب طبق الفول المميز لهذا المكان، وأكلها مع سائقه و كانت آخر ما أكل الشيخ في حياته.
توجهت السيارة إلى فيلا الشيخ مصطفي إسماعيل بحي رشدي في الإسكندرية، و طلب من سائقه أن يضع الغطاء فوق السيارة فتعجب السائق لهذا الطلب لأن الشيخ مصطفى كان يمنعه دائما من وضع هذا الغطاء فوق السيارة، ولما أبدى السائق دهشته قال له بالحرف الواحد «أنا مش طالع تاني يا سيدي»، دخل الشيخ منزله وطلب من خادمته و زوجها أن يجلسا معه في الصالون وظن زوج الخادمة أن الشيخ يريد طردهما من المنزل لأنها كانت أول مرة يدخل فيها زوج الخادمة المنزل و أبدى الشيخ تقديره للإثنين و طلب منهما الحفاظ على المنزل و أن يشربا الشاي معه .
كانت الخادمه تدخل على الشيخ بين الحين والآخر وتلاحظ أنه يتنفس بطريقة طبيعية فتتركه نائما، اتصل أحد أصدقاء الشيخ تليفونيا بالمنزل وسمع بالواقعة أحضر معه الأطباء.
ونقل الشيخ إلى مستشفي مصطفي كامل بالإسكندرية، وتم الاتصال بنجل الشيخ ( مهندس / عاطف ) فى ألمانيا و مهد الله له السبل و وجد مكانا على الطائرة المتوجهة إلى القاهرة ومن القاهرة إلى الإسكندرية وفوجئ بنتيجة الكونسلتو الطبى وبأن الشيخ في غيبوبة تامة .
مازال الشيخ في العناية المركزة و الأطباء يبذلون مجهودات كبيرة من أجل إنقاذه ومندوب من الرئاسة للاطمئنان على الشيخ الذي كان القارئ المقرب لقلب محمد أنور السادات والصحافة تتابع الموقف .
وفي المساء حضر الآلاف إلى السرادق الكبير الذى كان مشيدا فى ميدان التحرير وحضره مندوب عن الرئاسة وعظماء مصر ومندوبون من الدول الإسلامية والعربية وبعض الدول الأجنبية وعلى رأسها اليابان التى قامت ببث تليفزيونى لشعائر العزاء .
وسافر الجثمان من القاهرة إلى قرية ميت غزال مركز السنطة بجوار طنطا، محافظة الغربية، ورحل عبقري دولة التلاوة الأول العملاق الشيخ مصطفي إسماعيل ولكن صوته سيظل باقيا إلى الأبد فصوته قرآن والقرآن لا يرحل أبدا.