فاتن حمامة.. أخذت ثأر «آمنة» وأكملت طريق «ليلى»
كتب محمد شوقي موقع السلطةامتهنت التمثيل واحترفت الابداع ، وبتعبيرات صادقة ورؤية نابضة بالوعي استحقت فاتن حمامة عن جدارة لقب «سيدة الشاشة العربية» والتى حملت على عاتقها مسؤلية نقل صفحات من حياة ما يزيد عن مئة سيدة مصرية جسدتها في مشوار فني طويل ساهمت من خلاله في تشكيل مفهوم السينما المصرية كما نعهدها اليوم.
وخلال رحلة فنية تجاوزت الـ60 عاما لم تسدي فاتن حمامة الخدمات لعشاق السينما ومن مثلت نماذج مصرية فقط، بل نال متابعي الأدب وأبرز مبدعي القصة والرواية المصرية نصيب من موهبة فاتن حمامة المتقدة و التى نقلت خلالها عشرات من أبرز الأعمال الأدبية العربية في القرن العشرين إلى شاشة السينما لتثري خيال القراء وتحول مفضلاتهم التى ظلت حبيسة الحرف والسطر سنوات لعلامات سينمائية لا تنسى وخطوات مضيئة في مشوارها الفني.
موضوعات ذات صلة
- عمر الشريف وشكري سرحان.. وقصة معركة حول قُبلة فاتن حمامة
- 7 يونيو 1923.. ميلاد ”عتريس السينما المصرية”
- ذكي رستم.. باشا السينما المصرية وأسباب عدم زواجه
- عبدالعليم خطاب.. أشهر قاتل في السينما المصرية
- زوزو نبيل.. شهر زاد السينما المصرية
- برشلونة يضم موهبة جرونينجن الهولندي (صور)
- إبراهيم عيسى:”العصمة في يد الزوجة”
- من دفاتر «الأبيض والأسود».. شادية مع «السيدة المنحوسة».. وعبد الوهاب مؤذن رمضان
- أحمد لوكسر .. ”القديس رينو”.. موهبة فنية لم تحصل على بطولات
- أحمد مظهر ..فارس السينما المصرية
- ماجدة الصباحى تحتفل بعيد ميلادها الـ88
- فطين عبد الوهاب .. مايسترو الكوميديا في السينما المصرية
مصادفة مبدئية
منذ اللحظة الأولى وظهور بوادر لما تحمل الصغيرة من امكانيات فنية لها ان تضعها خلال سنوات قليلة على عرش السينما المصرية كسيدتها الأولى، بدأ ارتباط فاتن حمامة بتحويل النص المقروء الى اخر مرئي ينبض بالحياة والحركة، فمع المواجهة الثانية لكاميرا السينما كانت فاتن حمامة مع موعد مع اول عمليات نقل الأدب المصري الى التوليفة السينمائية المنضبطة وذلك في فيلم «رصاصة في القلب» والذي مثل تعاونها الثاني مع محمد عبد الوهاب فقبل ان تترك طور الطفولة وفي سن الـ13 كان لها ان تساهم في خروج قصة حب الموسيقار الكبير و«راقية ابراهيم» في الفيلم الذي نُقل الى الشاشة الفضية عام 1944 عن رواية للكاتب الكبير ” توفيق الحكيم” بالاسم ذاته، ومن تلك المصادفة احترفت “فاتن حمامة” مع مرور السنوات إعادة تعريف الاعمال الأدبية لجمهور السينما.
علامات فارقة
بنضج شديد وحرفية عالية رسمت سيدة الشاشة صورة حية لبعض من أبز بطلات أدب القرن العشرين لتأسس بادائها المميز علامات فارقة في تاريخ السينما العربية بالتعاون مع كوكبة من عمالقة السينما، فلم تكن تخطت العقد الثالث من العمر حين جسدت تعقيدات وصراعات نفس «آمنة» المضطربة بالحب والبغض معا في رحلة ثأرها لمقتل اختها «هنادي» في «دعاء الكروان» والذي حظيت بالمشاركة فيه بدور البطولة ان تكون احد بطلات عميد الأدب العربي طه حسين، وهو الدور الذي ظل مقربا لقلب “فاتن حمامة” لسنوات.
اما في الكلاسيكية الخالدة «بين الأطلال» فخدمت برقة معهودة ووعي سينمائي وانساني قصة الحُب المستحيل الذي قدمه الكاتب الكبير يوسف السباعي في روايته التي حملت نفس الأسم واسرت قلوب الجماهير حين صورتها فاتن حمامة الى جانب عماد حمدي في انشودة رومانسية جمعت فتاة في حب كاتب متزوج يكبرها بسنوات عدة الا انها تضحي من اجل حبها بسنوات طوال من شبابها .
وبعد سنوات من الخبرة جاء دور تجلي ابداعي جديد على قائمة أعمالها في مأساة انسانية تحظى بالمركز الخامس على قائمة افضل 100 فيلم مصري، ففي دور فلاحة فقيرة ترعى زوج مريض وتعمل عمل مضني وتتعرض للأعتداء الجنسي من احد ابناء القريبة جسدت فاتن حمامة مستوى مختلف من المعاناة الانسانية قدمها للحياة أول مرة الأديب الكبير يوسف ادريس في روايته «الحرام» لتخرج القصة في رائعة سينمائية لا تُنسى على يد «بركات» عام 1965.
فن المقاومة
وفي الوقت الذي يعد فيه الأدب ذاكرة وطنية يوثق ليوميات الشعوب في فرحة النصر ومرارة الهزيمة فأن السنيما ذاكرة للواقع، وفي تعاون للثنائي اُنتج في تاريخ السينما المصرية عدة افلام طافت بأنسياب بين آلام المجتمع وجراح الوطن في ابراز لبأس ابنائه وقدرتهم على الصمود والمقاومة .
ومن رواية لطيفة الزيات لآلاف من المشاهدين عُرضت فصول من تقلبات الأوضاع السياسية المصرية في القرن العشرين خلال رحلة فتاة مصرية في البحث الذات في ظل ضغوط العادات والتقاليد وتناقض الموروثات الاجتماعية التي تتحرر منها في النهاية بتوحدها مع مسيرة الوطن في مقاومته العدوان العسكري على مصر بعد ثورة يوليو في فيلم «الباب المفتوح» الذي خلد بدقائق تتعدى المئة رواية لطيفة الزيات أما قصة الحب المشحونة بالايثار والعاطفة بين اثنين من العاملين في المقاومة الشعبية فقدمتها سيدة الشاشة ببراعة الى جانب “رشدي اباظة” في فيلم «لا وقت للحب» الذي اُخذ عن رواية «قصة حب» للكاتب يوسف إدريس.
وجه اخر
لم يتوقع الجمهور سوى نية سليمة وسلوك سوي مثالي من شخصيات فاتن حمامة و التى عدها الجمهور مرادف للنقاء والبراءة،إلا ان تحولها من الفتاة المُطيعة حسنت الجوار الى أخرى تدبر المكائد وتبدع الحيل والاكاذيب للايقاع بزوجة ابيها لم يتم سوى بوحي مخيلة احسان عبد القدوس الذي تحولت روايته «لا أنام» الى فيلم سينمائي قادته فاتن حمامة بأعين ملائكية كاذبة للمرة الأولى وحاقده على غير العادة.وعلى الرغم من مسؤلية احسان عبد القدوس عن تغير صورة سيدة الشاشة كما عهدها الجمهور الا انه كان صاحب النصيب الأكبر من الروايات والأعمال الأدبية التى قدمتها فاتن حمامة للشاشة، فأضافة الى كتابته قصة افلام عدة كـ«الطريق المسدود» و«الله معنا» كانت لروايات اخرى دور في تغير نمطية ادوار سيدة الشاشة ، فبروايته «الخيط الرفيع» وفي تعاون مع هنري بركات ظهرت بثوب جديد في دور سيدة متحررة تمر بفصول معقدة في علاقة غير رسمية مع مهندس شاب تساعده على بناء مستقبله ليتهرب من الزواج منها في النهاية.
النهايات
ودعت فاتن حمامة الشاشة الفضية تدريجيا بعد أن مرت بتطورات عدة وصنعت تاريخ لا يُنسى، إلا أن عادتها لم تنقطع حتى في آواخر أفلامها والذي أعادها للشاشة بعد انقطاع سنوات، فضمن مجموعة قصصية للكاتبة سكينة فؤاد وقع الاختيار على قصة «ليلة القبض على فاطمة» كي تنقلها فاتن حمامة للجماهير على يد المخرج هنري بركات في فيلم انُتج عام 1984 وعرض من ابداعات سكينة فؤاد قضية فاطمة الاخت المُضحية التى نسجت مستقبل اخوتها بمجهودها لتتلقى جحود في المقابل.