بين الإستراتيجية والتطبيق صناعة اسمها المستقبل
محمد فارس موقع السلطةهل تمتلك مصر مقومات القوة التي تمكنها من مواجهة التحديات والتغيرات الإقليمية والدولية، تساؤل قد يبدو متجاوزًا الترف السياسي، لكنه يبقى تساؤلًا مشروعًا يعبر عن حلم لدولة تمتلك عمقًا حضاريًا، وجيشنا من أقدم القوات النظامية التي عرفتها البشرية، وثروات غير ناضبه، وأدوات ثقافية متعددة جعلتها في أحد الفترات القائد والمحرك لمحيطها الإقليمي. التساؤل بدوره يقودنا للرؤية التي يجب أن تحكم نظرتنا لطبيعة المرحلة الراهنة على المستويات المتعددة داخليًا وخارجيًا، فموقعنا كدولة ومجتمع يسير على طريق المستقبل وبناء الدولة الحديثة، يحتاج سياسات قادرة على اصلاح واقع بدا أنه عصياً على ما هو منشود، فمواجهة القضايا المزمنة والممتدة منذ عقود تحتاج لإستئصالها والتعامل معها بمشرط جراح، لتتمكن الدولة من بناء منظومة التنمية والتحديث. وبعيدًا عن حالة الجدل العقيم الذي أحاط بمسألة توصيف المرحلة الراهنة التي تمر بها الدولة والمجتمع وإنعكاساتها على خطط عمل الحكومة وما يحكمها من سياسات، أصبح من الضروري البحث عن أفكار حديثة للنهوض، على أن تتجاوز هذه الأفكار منطق الإصلاح الجزئي وما يرتبط به من إستراتيجيات وخطط، تستند إلى تعظيم الموارد والقدرات والإمكانيات وإدارتها بقدر كبير من الكفاءة المعززة لعناصر قوة الدولة وتماسك المجتمع بما يضمن إستمرار إصطفافه خلف هذا التوجه. بذلك تبقى بداية الإجابة على ما طرحناه من تساؤل في السابق، مرتبطة بالقدرة على الإدارة الذكية لكافة عناصر الدولة، وتفعيل القدرات التنافسية للموارد ذات المزايا المتعددة، مع بناء منظومة من السياسات التكاملية الداعمة لزيادة محصلة جمع القوة العسكرية والقدرة الإقتصادية، وفهم ودعم مقومات القوة الناعمة كإطار حاكم لمستقبل الدولة ومكانتها في محيطها الإقليمي والدولي. بالتالي يبقى هدف بناء الحديثة الذي يتبناه ويعمل عليه النظام الحالي، مرهوناً بالقدرة على تجاوز الكثير من السياسات التقليدية وإستبدالها بأخرى داعمه لعملية الإبداع والإبتكار، لأن لكل مجتمع تفاصيله الخاصة، وبالتالي ما يصلح في مكان ما، ليس بالضرورة أن يكون مناسباً لآخر.