أم كلثوم وجيهان السادات «الحب كله».. حكاية الخلاف المفتعل بين السيدتين بسبب «أبو الأنوار»
محمد شوقي موقع السلطةروى الفنان، سمير صبري، حكاية منع أغاني كوكب الشرق، أم كلثوم، من الإذاعة في الراديو، ولم تكُن تُذاع أيضًا في «النادي الدولي»، ومع تلفزيون مصر.
قال «صبري» عن تلك الواقعة: «كان ذلك في عام 1974، وكنت قد تعودت على إنهاء كل حلقة من برنامج النادي الدولي بأغنية لأم كلثوم، ويوما جاء إليّ أحد المسؤولين في التلفزيون وقال لي: «أنت إزاي تحط في كل حلقة أغنية لأم كلثوم»، فقلت له: «وفيها ايه؟ وهي أم كلثوم شوية؟».
وأكمل «صبري»، حكايته بأن المسؤول قال له «أوقفها فورا، هوه انت ما تعرفش إن فيه خناقة بين أم كلثوم، ومدام جيهان السادات وكانت يومها ما زالت حرم رئيس الجمهورية».
موضوعات ذات صلة
فيما أخبره «صبري»، أنه لم يسمع بذلك، فرد عليه المسؤول قائلاً: «لا، ده فيه خناقة كبيرة، واحنا منعنا أغانيها حتى لا تغضب مدام جيهان»، وأضاف: «قلت لهُ ايه الكلام ده، أغاني أم كلثوم تمنع في تلفزيون مصر».
وبالفعل امتنع سمير صبري بعدها عن إذاعة أغاني أم كلثوم في حلقات برنامجه الشهير، إلى أن جاء اليوم الذي لم يستطع كَتم غيظه فيه، كمّا يذكر «ذات يوم، دُعيت لأكون مذيع حفلة أقيمت في مستشفى المعادي تكريما لجرحى الثورة، وكان يحضرها الرئيس أنور السادات، وزوجته السيدة جيهان والموسيقار محمد عبدالوهاب، والكاتب الكبير توفيق الحكيم، والسيدة أم كلثوم، والفنان يوسف وهبي، وكانت مطربة الحفل هي عُليا التونسية، رحمها الله، ويبدو أن أحدا قال لها بأن الرئيس السادات يحب أغاني أسمهان، فغنت ثلاثا منها».
وأضاف: «المهم، أنني بعدما قدّمت عُليا التونسية، نزلت عن المسرح لأصافح الرئيس وقرينته وبقية الضيوف، ويومها، وبعد أن رأيت أم كلثوم تجلس على نفس الصف معهما، وعلى مقربة منهما، اقتربت من السيدة جيهان السادات وقلت لها: (يا هانم، أنا يصعب عليّ أن يقال في التلفزيون إن سيادتك منعت أغاني أم كلثوم من التلفزيون)».
فردّت جيهان السادات بغضب شديد «أنا؟ مين قال الكلام ده؟»، فقال لها سمير صبري إن أحد المسؤولين في التلفزيون أخبره بذلك، كمّا منعه من وضع أغاني أم كلثوم في برنامج «النادي الدولي».
وهنا نادت السيدة جيهان السادات، سكرتيرها الذي كان يقف على بعد خطوات منها، وقالت له: «قول لوزير الإعلام – وكان يومها الأديب يوسف السباعي – بأني عاوزاه ضروري».
وعندما جاء الوزير يوسف السباعي، قامت السيدة جيهان من مقعدها، واتجهت معه إلى أم كلثوم وأنا وراءهما، وعندما رأتنا سيدة الغناء الأولى وقفت لترحب بالسيدة الأولى، وهنا وجهت السيدة جيهان كلامها إلى وزير الإعلام قائلة: «ما عاش اللي يفكر حتى تفكير بأن يمنع أغاني أم كلثوم»، ثم تبادلت السيدة جيهان السادات القبلات مع أم كلثوم وقالت لها: «إنتي يا ست ثروة قومية، وأغانيك فيها السعادة لملايين المصريين والعرب»، ومن يومها عادت أغاني أم كلثوم إلى التلفزيون وبكثرة.
وفي مذكرات الكاتب الصحفي، مصطفى أمين، قال إن سر انقلاب السيدة جيهان السادات على أم كلثوم هو قصة الصراع بين لقب سيدة مصر الأولى الذي سعت إليه جيهان السادات بحرص شديد، وسيدة الغناء العربي الذي تربعت به أم كلثوم على عرش وقلوب الجماهير المصرية الغفيرة.
وكانت الشائعة الأقوى تقول إن سبب الحرب على أغنيات أم كلثوم وإصدار الأوامر إلى الإذاعة المصرية بتكثيف أغنيات المطربة ياسمين الخيام لتنافس كوكب الشرق بشدة، وتعوض الناس عن غيابها، السر هو رغبة الانتقام لدى سيدة مصر الأولى من المطربة التي داعبت زوجها الرئيس في إحدى المناسبات، وهي تصافحه قائلة «منور يا أبوالأنوار».
وقرر مصطفى أمين، فيما بعد أن يتحرى دقة تلك الشائعات، فأمسك بسماعة التليفون وطلب حرم الرئيس، وقال لجيهان السادت، عن اكتئاب أم كلثوم ومرضها، والشائعات التي يرددها الناس، فإذا بحرم الرئيس تقسم للكاتب الكبير أن كل ما ردده هو بالفعل شائعات مغرضة، وأنها ستتوجه في الحال لزيارة أم كلثوم في بيتها، ودعوتها للعشاء معها خارج المنزل.
وبعد نصف ساعة، توقفت سيارة الرئاسة الفخمة أمام فيلا أم كلثوم بشارع أبوالفدا بالزمالك، نزلت جيهان السادات وسط حراسها وضباط التشريفة وراحت تسرع في خطواتها نحو باب الفيلا، كانت الزيارة مفاجئة للجميع، حتى أم كلثوم نفسها ظلت لحظات لا تصدق نفسها، إلا أن السيدة حرم الرئيس السادات أخذت بيدها وهي تستأذنها في قضاء بعض الوقت خارج المنزل.
وافقت أم كلثوم على الفور، ظهرت الابتسامة على وجهها لأول مرة بعد طول غياب، ارتدت ملابسها وخرجت مع ضيفتها، وبعد ساعات قليلة كان صوت كوكب الشرق يعود هو الآخر إلى آذان الملايين من عشاق أم كلثوم.