موقع السلطة
الجمعة، 27 ديسمبر 2024 02:02 مـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
نوستالجيا

أسمهان.. جاسوسة ومطربة لعبت بالنار فأحرقتها وموتها لغز لا حل له

موقع السلطة

هي الصوت الملائكي الذي لا يشابهه صوت قبله ولا بعده فلو اكتفت بصوتها لصارت ملكة متوجه علي عرش الغناء في العالم، لكنها لعبت بالنار فأحرقتها، إنها آمال فهد الأطرش، أو كما عرفها الجمهور بـ«أسمهان».

ولدت أسمهان، في 25 نوفمبر 1912 علي متن سفينة، وهي الإبنة الوحيدة التي كتب لها الحياة في أسرتها، والدها فهد الأطرش وهو درزي من جبل الدروز في سوريا، ولديها شقيقين هما، فؤاد وفريد الأطرش المطرب والموسيقار المعروف والذي كانت على وفاق تام معها وهو الذي أخذ بيدها إلى عالم الفن وجعلها نجمة غناء لامعة إلى جانب شهيرات ذلك الوقت أم كلثوم، نجاة، وليلى مراد وغيرهن.

وكان لها شقيق ثالث يدعى أنور وشقيقة تدعى وداد الذين توفيا صغيرين قبل مجيء الأسرة إلى مصر.

نشأتها في عائلة سياسية درزية

موضوعات ذات صلة

عائلتها هي عائلة درزية كريمة يعود نسبها إلى آل الأطرش، في سورية الذين كان فيهم رجال لعبوا دورًا بارزًا في الحياة السياسية في سوريا والمنطقة، أبرزهم سلطان الأطرش قائد الثورة السورية ضد الإحتلال الفرنسي.

ومع بداية العشرينات بدأت الثورة السورية الكبرى في جبل العرب، وحينما اشتدت اوارها، لاحق الفرنسيون آل الأطرش في كل مكان، فأشار الأمير فهد على زوجته علياء المنذر، بأن ترحل مع أولادهما الثلاثة، فؤاد وفريد وآمال، إلى لبنان ومن ثم إلى مصر التي دخلوها بمساعدة الزعيم سعد زغلول، إكرامًا لثورة جبل العرب ضد الاستعمار الفرنسي.

وفي مصر، سعت الأم علياء الى إدخال أطفالها إلى مدرسة «الفرير» الفرنسية، وأخفت نسب آل الأطرش، وسجلت فؤاد وفريد باسم آل كوسا.

وكانت السيدة علياء صاحبة صوت جميل وتجيد العزف على آلة العود، فتعرفت الى بعض الموسيقيين، ومنهم محمد القصبجي الذي أعجب بصوتها ولحن لها عدداً من الأغاني باسم «عليا المنذر الأطرش»، وغدا بيتها مقصد الفنانين، ومنهم محمود صبح وداود حسني والشيخ زكريا أحمد.

القصبجي مكتشف موهبة أسمهان

وذات يوم، وبينما كان القصبجي في زيارة لبيت علياء المنذر، سمع آمال وهي تردد أغنية أم كلثوم «سكت والدمع تكلم»، فلم يصدق ما سمع وتملكته الدهشة من صوتها الساحر، فما كان من داود حسني ومحمود صبح وزكريا أحمد إلا أن أجمعوا على تبني هذا الصوت النادر، فتعهد داود حسني بتعليمها العزف على آلة العود، بينما قام الشيخ زكريا أحمد بتعليمها أصول الإلقاء الغنائي، وتفرد محمد القصبجي في تعليمها المقامات وطرق الانتقال بين النغمات.

وسماها داود حسني «أسمهان»، وهو الاسم الذي لازمها حتى وفاتها، غنت أسمهان من ألحان داود حسني والقصبجي وفريد غصن وزكريا أحمد قبل عام 1930، وأقنعها شقيقها فريد في ذلك العام بالعمل معه في صالة «منصور» في القاهرة، وهو التاريخ الذي بدأت فيه الغناء بشكل فعلي ورسمي.

دخولها عالم الفن

قدمت للسينما فيلمين أولهما «انتصار الشباب» عام 1941 مع أخيها الفنان فريد الأطرش و الفيلم الثاني «غرام وانتقام» عام 1944 مع يوسف بك وهبي والذي ماتت في حادث آليم قبل أن تكمله ومن ثم تغيرت النهاية فيه ويعتبر مع فيلم غزل البنات لليلى مراد الفيلمين الأشهر الذين لم يكتملا في تاريخ السينما العربية ورغم ذلك حققا ايرادات هائلة ونجحا نجاحًا ساحقا.

وطلبت من يوسف وهبي إجازة لمدة 3 أيام لقضائهم في رأس البر فرفض وتوسطت لها تحية كاريوكا عند يوسف وهبي واعطاها الإجازة فكانت النهاية ومن المدهش أن من كان مقرر أن يسافر معها تحية كاريوكا ويذكر يوسف وهبي أنه استأجر لها فيلا لتقيم بها طيلة تصوير الفيلم وتقاضت 12000 جنيه عن الفيلم في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ السينما المصرية.

أول أغنية غنتها كانت من ألحان محمد القصبجي وهي «ليت للبراق عينا» ثم غنت بعدها أغنيتين كانتا السبب في شهرتها أولهما أغنية «دخلت مرة الجنينه» ألحان مدحت عاصم والثانية «يا حبيبي تعالي الحقني».

وبعد ذلك غنت العديد من الأغاني من أشهرها: «ليالي الأنس في فيينا، أنا أهوي، أمتي هتعرف، يا طيور، عليك صلاة الله، يا بدع الورد، وأنا اللي أستاهل»، و غنت من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب أغنية «محلاها عيشة الفلاح».

وقامت ببطولة أوبريت «قيس و ليلى» مع محمد عبد الوهاب في فيلم «دموع الحب».

زواجها وموت أبنائها

تزوجت من الأمير حسن الأطرش ابن عمها عام 1933، وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا واستمر الزواج ست سنوات و كانت تقيم في قصر كبير يأتي فيه كبار رجال السياسة في العالم العربي، ورزقت أسمهان بثلاثة أولاد كلهم ماتوا إلا ابنتها «كاميليا» وانتهت حياتها الزوجية بسبب الخلافات فعادت من سوريا إلى مصر.

وعقب عودتها إلى مصر بعد الطلاق تزوجت من المخرج أحمد بدرخان، زواجًا عرفيًا، لكن زواجهما انهار سريعًا وانتهى بالطلاق دون أن تتمكن من نيل الجنسية المصرية، التي فقدتها حين تزوجت الأمير حسن الأطرش.

وتزوجت بعد ذلك من أحمد سالم دونجوان العصر فكان غيورًا جدًا عليها مما عرضها معه لكثير من المشاكل والذي تشاجر معها بعدما عادت إلى المنزل فى وقت متأخر وحاول قتلها بالرصاص ولكن صديقتها أبلغت الشرطة حيث حدث شجار بينه وبين ضابط الشرطة وتبادلا إطلاق النار ليصاب أحمد سالم في الصدر ويعالج من الرصاصة لكنها تظل في قلبه حتي أودت بحياته عام 1949.

قصص الحب في حياة أسمهان

تعرفت أسمهان على الكاتب الكبير محمد التابعي وذلك في منزل الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1937، وقد كان هذا التعارف هو بداية علاقة صداقة قوية بينهما جمع بينهما قصة حب أسطورية لم يشهد الوسط الفني مثلها وكان كاتم لأسرارها وما تخفيه حتي عن شقيها فريد الأطرش.

وفي عام 1940، تعرفت أسمهان على أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي في ذلك الوقت، وكان نتيجة هذا التعارف أن وقع أحمد حسنين في غرامها وإكتسبت هي عداوة الملكة نازلي والدة الملك فاروق والتي كانت تحب حسنين باشا وتغير عليه إلى حد الجنون.

بدافع الغيرة و الإنتقام قررت الملكة نازلي طرد أسمهان من مصر رغم وساطة كبار رجال القصر.

وبالفعل اتصلت بحسين سري باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية، والذي تولى عملية تنفيذ القرار، مبلغاً أسمهان بأن إقامتها في مصر إنتهت وأن عليها أن تغادر خلال أسبوع، ليصيبها هذا القرار الخطير بالجزع والحزن الشديدين، ولم تجد من يقف بجانبها سوى الصحفي الكبير صديقها محمد التابعي الذي تمكن بصداقته لكبار المسئولين أن يوقف تنفيذ هذا القرار وتجددت إقامتها مرة أخرى فى مصر.

رحلة أسمهان في عالم الجاسوسية

كانت أسمهان تريد أن تكون أميرة بل زعيمة سياسية ولم تكن تدري أنها النار والهلاك.

وفي عام 1944، قامت أسمهان بمهمة تجسس جديدة لحساب المخابرات البريطانية، وكانت المهمة أن تقوم بإقناع أهلها في جبل الدروز بالتوقف عن التعاون مع حكومة الفيشي الفرنسية والإنضمام للحلفاء، وقد كان من بين أهم رجال عشيرتها المناسبين لهذه المهمة هو زوجها السابق حسن الأطرش.

وعندما وصلت إلى الجبل استقبلها أهلها استقبالا وديًا وعندما أوضحت للأمير حسن تفاصيل مهمتها أبلغها موافقته وأنه سيساعدها بشرط أن تعود زوجته مرة أخرى، وبالفعل أقيم حفل الزواج الثاني من وزجها الأول حسن الأطرش يوم 13 يوليو، و نجحت أسمهان فى مهمتها.

وفي عام 1942، بدأ التحضير لفيلم «أحلام الشباب» الذي كان أبطاله أسمهان وفريد الأطرش، ولكن بسبب سفرها إلى سوريا، لم تقوم ببطولة الفيلم، واستبدلها فريد بالمطربة فتحية أحمد والتي ظهرت بصوتها فقط، لتقوم بالبطولة مديحة يسرى وتحية كاريوكا.

ومع بداية عام 1943، تم الطلاق الثاني بين أسمهان و الأمير حسن الأطرش فى هدا العام الثانى، ومرت أسمهان بأزمة مالية شديدة نتيجة الإسراف الذى كانت تشتهر به، و بعد أن تخلت عن خدماتها الحكومات الأجنبية، اضطرت في النهاية إلى بيع أغراضها و مجوهراتها، ولم تخرج من هذه الأزمة إلا بعد أن قابلت إسكندر الوهابي أمين وزارة الخارجية المصرية الذي كان في زيارة استجمام بالقدس، والذي قام بعد ذلك بإقناع حسين سعيد باشا مدير استديو مصر للسينما بضرورة توقيع عقد معها ببطولة فيلم غنائي استعراضى بمبلغ 13 ألف جنيه أخذت منهم 3 آلاف كعربون مقدم.

وفي نفس العالم، قررت أسمهان أن تتزوج من المطرب فايد محمد فايد و الذي كان في زيارة للقدس لإحياء بعض الحفلات وتسجيل أعماله باستديوهات إذاعه الشرق الأدنى البريطانيه في حيفا، واتفقت معه أن يكون الزواج شكليا لتتمكن من العبور إلى مصر، وبالفعل تم ذلك و استمر الزواج لمدة عشرين يوماً و كانت لا تزال بالقدس و لم تغادرها بعد

وفاتها في رأس البر

وفي يوم 14 يوليو1944، توفيت الفنانة أسمهان غرقًا في مياه ترعة مياه بطريق «القاهرة - رأس البر»، وكانت مسافرة إلى هناك بصحبة صديقتها ماري قلادة، واستطاع السائق النوبي أن ينجو سالمًا ويفر إلى موطنه، إلا أن الأهالي أخرجوا جثتا الصديقتين من السيارة، وظل لغزًا أبديًا إلى يومنا هذا.

من قتل أسمهان؟

تعددت الأقاويل التي طالت ابن عمها حسن الأطرش والمخابرات البريطانية والفرنسية والملكة نازلي والدة الملك فاروق حتي وصلت هذه الشائعات لأم كلثوم، بدافع خوفها، على عرشها الفني من أسمهان، على الرغم من إنشغال أسمهان بالسياسة، أكثر من الفن، وتملكها إحساس أنها الأميرة أو الملكة التي يتزاحم عليها كبار رجال العرب من شرقها إلى غربها وأنها لابد أن تلعب دورًا محوريًا لنهضة بلدها حتي تخلد سيرتها كزعيمة سياسية مثل سعد زغلول.

وتعرضت أسمهان، لمحاولتين لاغتيال قبل المحاولة الأخيرة، وإن كانت غير معلوم أنها اغتيال أم حادث.

البنك الأهلي
أسمهان المطربة أسمهان الجاسوسة أسمهان فريد الاطرش القصبجي الفن زمان زمن الفن الجميل نسوتالجيا السلطة
tech tech tech tech
CIB
CIB